طريقة الإمام القاسم في تناول قضايا الرسالة :
اعتمد الإمام القاسم على دليل الصنعة والإحكام والإتقان في الخلق في استدلاله على الخالق وجودا وتوحيدا بالأدلة القرآنية والعقلية ، وحقيقة قدم مفهوما جيدا محصلته أن كل عقلي هو نقلي والعكس صحيح ، ولا انفصال عن الدليلين وكلاهما يعاضد الآخر.
ثم نقد المنهج اليوناني في تصوره لإدراك النفس ، وبين أن ذات الخالق مفارقة لغيرها من الذوات ، وأن ما يعقل أو يدرك بالحس أو البرهان العقلي ، كذات ، أو بأحدهما فالله خلافه ، فيقول : (لا بد من النظر لمن أراد يقين المعرفة بالله ، في تصحيح كل ما وصفنا صفة بعد صفة في معرفة الله ، ليأتي المعرفة بالله من بابها ، وليسلم بذلك من شكوك النفس وارتيابها).
فيرى أن المعرفة بالله تحتاج إلى منهج يفضي إلى اليقين ، والإدراك الحسي أو النفسي غير كافيين في هذا الصدد : (ففاسد أن يكون الله سبحانه بواحد منهما مدركا أو معروفا) والنفوس تتباين ، وغير معقول أن يكون الحق إحداها (وكل نفس فذات قوى شتى مختلفة ، كل صفة فيها فسوى غيرها من كل صفة ، واختلاف قوى كل نفس فمعروف غير منكر ، منها التوهم والفكر ، وغيرهما من التذكر والخطر).
فيتعرض للإدراك النفسي ويبين حقيقة وماهيته ، وكما أنه لا يدرك تعالى بهذه الطريقة ، فإنه لا يدرك بالوهم أو بالتشبه بالأجسام أو الظن ، أو بالدلالة على موجود مشاهد ، وكذلك لا يدرك بحال واحدة مما سبق أو بكلها ، كما أنه لا يدرك بكونه خلاف الأشياء كلها ، فالله لا يدرك بما يدرك به خلقه.
وينفي أن يكون خلاف الموجودات هو العدم لكونه : (وإنما قولنا في العدم ، إنه خلاف في الوهم ، لا في حقيقة العدم موجودة ، ولا عين منه قائمة ولا محدودة ، وإنما يطلب خلاف الأشياء كلها في حقائق الأعيان ، بما يدرك في العقل والعلم من الاختلاف ببت الإيقان).
ثم يبين أن الخلاف المتبقي بين ما يحس ويعقل ، والقرآن الكريم قدم الأدلة القائمة