للظلم ، والغراة (١) عليه ، فرد الله عليهم بقوله : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف : ٢٩]. و : (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) [المزمل : ١٩ ، الإنسان : ٢٩]. وقال : (كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) (١٣) [عبس: ١١ ـ ١٣]. وقال موسى ، عليهالسلام : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) [الكهف : ٧٧]. وقال أهل الجنة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) [الزمر : ٧٤]. فذكر الله المشيئة في غير موضع من الكتاب ، وذكر أن العباد يريدون ويفعلون ويشاءون ، تكذيبا لمن قال بخلاف ذلك.
فقد ذكرنا جملة من كتاب الله تبارك وتعالى ، مما فيه رد عليهم ، وحجة بلاغ لقوم عابدين.
[أسئلة إلى المجبرة]
ونحن سائلون بعد ذلك ، وبالله نستعين ، مع أن في المسألة آيات كثيرة مما قد دل الله العباد ، وبين لهم أنهم يشاءون ويريدون ، ويرضون ويحبون.
فأما المشيئة فقال : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [فصلت : ٤٠]. وقال : ما (أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧)) [الفرقان : ٥٧].
فأما الإرادة فقال : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [آل عمران : ١٥٢].
وأما الرضى ، فقال : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) [المائدة : ١١٩].
وأما المحبة ، فقال : (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) [الحشر : ٩]. وفي ذلك آيات كثيرة مما لم نذكره.
ثم يقال لمن زعم أن الله خلق أكثر خلقه ليعبدوا غيره : ما حجتك وما برهانك على ما ادعيت من ذلك؟ أبكتاب الله ما قلت؟! أم بسنة؟ أم بقياس؟
__________________
(١) في جميع المخطوطات : والغراء ويبدو أنها مصحفة. والغراة والاغراء اسمان لمعنى واحد.