اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦)) [آل عمران : ١٤٦]. وقال : (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) [المائدة : ٤٤]. ثم قال : (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢)) [البقرة : ٤١ ـ ٤٢]. وقال تبارك وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠)) [البقرة : ١٥٩ ـ ١٦٠]. فكيف يجوز لأحد من الأئمة يكتم الحق ، ويظهر من نفسه خلاف ما يعلم؟ أو ليس من رأى فعله من المستضعفين اقتدى به ، لما يعاينون من ظاهر فعله ، فهم مصيبون إذ غاب عن المستضعفين الناصر ؛ إذا اقتدى بالإمام.
فإن قلتم : نعم. فقد وجب لمن خالفكم الإيمان. وإن قلتم : إن الذي رأيتم من الإمام هو التقية ، والذي أخبركم خلاف الحق ، والحق ما تقولون ، وإنما كتمتم الحق تقية منكم ، أفليس تدعونا (١) إلى أن نصدقكم على ما قلتم ونكذبه فيما قال لنا؟ فأنتم إذن أولى بالصدق منه ، وأنتم أئمة إذ تأمروننا أن نقتدي بما تقولون ، ونترك ما قال.
فإن زعمتم أنه على الحق ، وقد رأى الناس خلاف ما تقولون ، ورووا منه خلاف ما تنسبون ، وسمعوا منه خلاف ما تدعون ، فاقتدوا به إذ زعمتم بأنه (٢) إمام افترضت طاعته! أو ليس يجب على الناس أن يطيعوه فيما يأمرهم ، ويمتنعوا عما ينهاهم ، ثم تكلفون الناس أن يتبعوا قولكم ، ويتركوا قوله ، فأنتم إذا الذين افترض الله طاعتكم ، وأنتم الصادقون ليس هو!
ثم زعمتم أنه إمام مفترض الطاعة ، أفليس على مذهب قولكم هو إمام هدى وإمام ضلالة ، إذ هداكم وأضل غيركم آخرين ، (٣) حين أفتاكم بالحق ، وأفتى غيركم بالباطل ،
__________________
(١) في (ب) و (د) : تدعوننا.
(٢) في (ب) : أنه.
(٣) في (ب) : وآخرين. ولعلها مقلوبة والصواب. وأضلّ آخرين عيركم.