العالمين ، وصاحبكم في دار الإقرار والمعرفة ، وتصديق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فإن جهلوا الأحكام والشرائع ، فليس لأحد أن يكتم العلم من طالبه بعد بيان الأنبياء ، وليس الحجة حجة إلا من احتج على خلق الله ، ولم يلبّس دين الله.
فإن زعموا أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كتم حين ظهر.
يقال لهم : ومتى كتم رسول الله صلى الله عليه؟ أو ليس قال الله لنبيه : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)) [المدثر : ١ ـ ٢]. وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو مستند إلى الكعبة ، والناس يومئذ مشركون جهال ، عبدة أوثان ، فقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) [الأعراف : ١٥٨]. لم يتق أحدا من خلقه ، فاحتمل (١) الأذى ، وصدع بأمر الله ، وقام بحق الله ، واحتج على خلق الله ، وصبر على ما أصابه ، حتى أبلغ صلىاللهعليهوآلهوسلم السامع والعاصي ، والخاص والعام ، والأبيض والأسود ، فمرة يرمون ساقيه ، وأخرى يرمونه ، ويتشاورون في قتله ، فثبتت حجته على الخلق.
فإن زعمتم أن الأئمة يقومون مقام الأنبياء ، فالواجب عليهم أن يحتملوا الأذى كما احتمله الأنبياء.
[صفة الإمام]
ولا يكون حجة إلا داعيا إلى الله مجتهدا ، زاهدا فيما في أيديكم ، عالما بحلال الله وحرامه ، أقوم خلق الله ، وأبصره بدينه ، وأرأفه بالرعية ، وأقومه لدين الله ، أمين الله في أرضه ، صادق اللسان ، سخي النفس ، راغبا فيما عند الله ، زاهدا في الدنيا ، مشتاقا إلى لقاء الله.
فإن زعموا : أن هذا في صاحبهم.
يقال لهم : أو ليس إظهار التقية استبقاء على نفسه من الموت ، ورغبة في دار الدنيا ، على أن يترك فيها ، ولا يفطن له فيقتل؟ فليس هذا الزهد ، ولا الرغبة ، إذ أظهر من
__________________
(١) في (ب) و (د) : واحتمل.