ولد هؤلاء ونسلهم ، الذين قادوا فيهم الوصية ، فقال الله سبحانه تصديق ما قلنا : (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (٨٧)) [البقرة : ٨٧] فقد ارتكبت هذه الأمة ما ارتكبت بنوا إسرائيل القذة بالقذة ، (١) والحذو بالحذو (٢) كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فرحم الله عبدا تفهّم ونظر لنفسه قبل لقاء الله ، ونظر في سنة الماضين ، وما ارتكبوا من البدع والضلالة ، وما جحدوا من الحق والبيان ، وحذر أن يكون كأحدهم.
[صفة الإمام]
وإنما صفة الإمام ، الحسن في مذهبه ، الزاهد في الدنيا ، العالم في نفسه ، بالمؤمنين رءوف رحيم ، يأخذ على يد الظالم ، وينصر المظلوم ، ويفرج عن الضعيف ، ويكون لليتيم كالأب الرحيم ، وللأرملة كالزوج العطوف ، يعادي القريب في ذات الله ، ويوالي البعيد في ذات الله ، لا يبخل بشيء مما عنده مما تحتاج إليه الأمة ، من أتاه من مسترشد أرشده ، ومن أتاه متعلما علّمه ، يدعو الناس مجتهدا إلى طاعة الله ، ويبصّرهم عيوب ما فيه غيهم ، ويرغّبهم فيما عند الله ، لا يحتجب عن من طلبه ، فهو من نفسه في تعب من شدة الاجتهاد ، والناس منه في أدب ، فمثله كمثل الماء الذي هو حياة كل شيء حياته تمضي ، وعلمه يبقى ، يصدق فعله قوله ، يعرف (٣) منه الخاص والعام ، لا ينكر فضله من خالفه ، ولا يجحد علمه من خالطه ، كتاب الله شاهد له ومصدق له ، وفعله
__________________
(١) أخرجه أحمد برقم (١٦٥١٢). ورواه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن في تفسير قوله تعالى : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً). والسيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ). وهو في مختصر تفسير ابن كثير ، في تفسير قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ). وقوله تعالى : (قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً).
(٢) أخرجه الترمذي برقم (٢٥٦٥).
(٣) في (ب) و (د) : يعرف.