بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله على ما أسبغ علينا من نعمه ، ومنّ علينا من إحسانه وكرمه ، وبيّن لنا من الهدى ، وأنقذنا من الضلالة والردى ، بإقامة حججه ، وتواتر رسله ، صلوات الله عليهم ، ومحكم آياته ، وتفصيل بيناته ، رحمة لعباده ، ودعاء لهم إلى ثوابه ، وإخراجا لهم من عقابه : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ) [النساء : ١٦٥]. و (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال : ٤١].
[عقائد يجب الإيمان بها]
أما بعد : فإن الذي يجب على العبد أن يكون عاملا بطاعة الله ، التي لا يقبل الله عزوجل غيرها من طاعته إلا بأدائها ، ولا يكون مؤمنا حتى يفعلها.
أن يؤمن بالله وحده لا شريك له ، ولا يتخذ معه إلها ، ولا من دونه ربا ولا وليا ، وأن يؤمن بملائكة الله وكتبه ورسله ، والبعث بعد الموت ، وبالحساب والجنة والنار ، وبالجزاء بالأعمال ، وأن الآخرة هي دار القرار ، لا ينقطع ثوابها ، ولا يبيد عقابها ، ولا يموت فيها أهلها ، وهم في جزائهم خالدون. ويؤمن بوعد الله جل ثناؤه ووعيده ، وأخباره ، وكل ما جاء به محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مما أمر به ونهى عنه صلوات الله عليه من العمل بالمفروض بطاعة الله ، والاجتناب لمعاصي الله ، والولاية لأوليائه ، والمعاداة لأعدائه ، والرضى بقضاء الله ، والتسليم لأمر الله. فإذا فعل ذلك كان مؤمنا ، مسلما محسنا ، من المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
[التوحيد]
ولا يكون العبد مؤمنا حتى يعلم أنه مخلوق مرزوق ، وأنه ذليل مقهور ، وأن له خالقا قديما ، عزيزا حكيما ، ليس كمثله شيء في وجه من الوجوه ، ولا معنى من المعاني ، وأن ما سواه من الأشياء كلها من عرشه ، وملائكته ، ورسله ، وسماواته ، وأرضه ،