واعتلّوا بآيات من الكتاب متشابهات ، حرفوها بالتأويل ، ونقضوا بها التنزيل ، كما حرّف من كان قبلهم من اليهود والنصارى كلام الله عن مواضعه ، وبأحاديث افتعلها الضلال ، من بغاة الإسلام ، فحملها عنهم الجهال. فيها الإلحاد والكفر بالله ، وأحاديث لم يعرفوا حسن تأويلها ، (١) ولم يعنوا بتصحيحها ، (٢) فضلوا وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل.
[الرؤية]
فكأنما تأولوا قول الله عزوجل : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)) [القيامة : ٢٢ ـ ٢٣]. فقالوا إن الله عزوجل يرى بالأبصار في الآخرة ، وينظر إليه جهرة ، خلافا لقول الله جل ثناؤه : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) [الأنعام : ١٠٣]. (٣) جهلا بمعاني الآية وتأويلها.
__________________
ـ صورة الرحمن.
أخرجه الطبراني في الكبير ١٢ / ٣٤٠ (٠١٣٥٨) ، وابن أبي عاصم في السنة / ٢٢٩. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. سبحان رب العزة عما يصفون.
(١) للاطلاع على تلك الأحاديث يمكن الرجوع إلى البحث الذي وضعته في ذلك بعنوان : الصلة بين عقائد الوهابية والتوراة اليهودية.
(٢) لما لم يعرضوها على القرآن.
(٣) عن أنس رضي الله عنه :
«أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّ بأعرابي وهو يدعو في صلاته وهو يقول :
«يا من لا تراه العيون ، ولا تخالطه الظنون ، ولا يصفه الواصفون ، ولا تغيّره الحوادث ولا يخشى الدوائر ، يعلم مثاقيل الجبال ، ومكاييل البحار ، وعدد قطر الأمطار ، وعدد ورق الأشجار ، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار ، وما تواري منه سماء سماء ولا أرض أرضا ، ولا بحر ما في قعره ، ولا جبل ما في وعره ، اجعل خير عمري آخره ، وخير عملي خواتيمه ، وخير أيامي يوم ألقاك فيه.
فوكّل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالأعرابي رجلا ، فقال : إذا صلى فائتني به ، فلمّا صلّى أتاه ، وقد كان أهدي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذهب من بعض المعادن ، فلمّا أتاه الأعرابي وهب له الذهب ، وقال : ممّن أنت يا أعرابي؟ قال : من بني عامر بن صعصعة يا رسول الله ، قال : هل تدري لم وهبت لك الذهب؟ قال : للرحم بيننا وبينك يا رسول الله ، قال : إن للرحم حقا ، ولكن ـ