يرجون من الله جل ثناؤه ثوابا ، ولا يفعل بهم (١) خيرا ، وأهل الجنة ينظر الله إليهم وينظرون إلى الله جل ثناؤه ، ومعنى ذلك أنهم يرجون من الله خيرا ، ويأتيهم منه خير ويفعله بهم ، وليس معنى ذلك أنهم ينظرون إليه جهرة بالأبصار ، عز ذو الجلال والإكرام ، وكيف يرونه بالأبصار ، وهو لا محدود ولا ذو أقطار ، كذلك جل ثناؤه لا تدركه الأبصار ، ومن أدركته الأبصار فقد أحاطت به الأقطار ، ومن أحاطت به الأقطار ، كان محتاجا إلى الأماكن ، وكانت محيطة به ، والمحيط أكبر من المحاط به وأقهر بالإحاطة ، فكل من قال إنه ينظر إليه جل ثناؤه على غير ما وصفنا من انتظار ثوابه وكرامته ، فقد زعم أنه يدرك الخالق ، ومحال أن يدرك المخلوق الخالق جل ثناؤه بشيء من الحواس ، لأنه خارج من معنى كل محسوس وحاس ، فكذلك نفى الموحدون عن الله جل ثناؤه درك الأبصار ، وإحاطة الأقطار ، وحجب الأستار ، فتعالى الله عن صفة المخلوقين ، علوا كبيرا لا إله إلا هو رب العالمين.
[شبه المشبهة]
وتأولت أيضا المشبهة قول الله تبارك وتعالى : (خَلَقْتُ بِيَدَيَ) [ص : ٦٢]. وقوله : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر : ٦٧]. وقوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)) [الفجر : ٢٢]. وقوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [النساء : ١٦٤]. وقوله : (سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج / ٦١ ، لقمان / ٢٨ ، المجادلة / ١]. وقوله : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) [آل عمران : ٢٨ ، ٣٠]. وقوله: (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨]. ففسروا ذلك على ما توهموا من أنفسهم ، وبأنه عزوجل عندهم في ذلك كله على معنى المخلوقين ، وصفاتهم في هيئاتهم وأفعالهم ، فكفروا بالله العظيم ، وعبدوا غير الله الكريم.
وتأويل ذلك كله عند أهل الإيمان والتوحيد : أن الله عزوجل ليس كمثله شيء ،
__________________
(١) في (ب) : لهم.