وصدق الله العظيم ، إذ يقول : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) [العنكبوت : ٦٩] ، ويقول : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [الزمر : ٩] ، ويقول : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) [المجادلة : ١١].
ويبدو أن حركية الإسلام وسره الفاعل في أتباعه ما زال يسري روحا نابضة حية ، فنجد المجاهد البوسناوي المعروف (علي عزت بيجوفيتش) يؤلف كتابا يسميه (الإسلام) يدافع فيه عن عقائد الإسلام في محاوراته مع الملحدين من أبناء الشيوعية في الغرب ، ونجد (رجاء جارودي) المسلم الفرنسي والمفكر الإسلامي الكبير الذي أغنى المكتبة الإسلامية بكثير من الأفكار ، التي كانت في حاجة إليها في مواجهة القوة العاتية للآخر ، الذي لم ير أمامه سوى الإسلام عدوا يحاربه بكل ما أوتي من قوة مادية ومعنوية ، نجد هذا المهتدي للإسلام يواجه الشيوعية مرة والصهيونية العالمية مرة أخرى ، ثم ينتقل بالمواجهة إلى تحدي النموذج الغربي ، مبشرا ببزوغ فجر الإسلام من جديد ، واندحار هذه الحضارة المادية الغاشمة وآلاتها بكل ما فيها من غطرسة ، وما أريد قوله إن هؤلاء امتداد طبيعي لأمثال الإمام القاسم بن إبراهيم من علماء الأمة الإسلامية.
الزندقة وابن المقفع الزنديق
وهذا ابن المقفع الزنديق ، يلقي بشبهاته على المسلمين ، فلا يجد من يتصدى له ، إلا الإمام القاسم رغم الفارق الزمني بين ابن المقفع وبين الإمام القاسم ، إذ قتل ابن المقفع سنة (١٤٢ ه) وولد الإمام القاسم سنة (١٦٩ ه) ، فالفارق بينهما (٢٧ سنة) ، والاحتمال الأكبر أن الإمام أجاب عليه وعمره (٣٠ سنة) ، فيكون الفارق الزمني بين كتابيهما (٥٧ سنة).
والعقائد الشرقية تعد من أطول العقائد عمرا ، وأبعدها في التاريخ ، وعلى الرغم من احتدام المعركة بين الإسلام والإلحاد والزندقة ومع العقائد الدينية كاليهودية والنصرانية ، إلا أن شأن الثنوية والعقائد الشرقية بدا وكأنه قد انتهى ، وهو ما لم يعترف به عبدة الأصنام ، والسيخ والبرهمية والهندوس وعبدة النار ، التي لم تطفأ منذ أوقدوها وعبدوها وصارت رمزا لحضارتهم.