مؤمن كامل الإيمان عند الله ، بعد أن يكون مقرا بالتوحيد ، (١) وأن جميع أعمال المؤمنين من الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك ليس من الإيمان ، ولا من دين الله ، مع أشياء كثيرة تقبح من قولهم ، فكان في قولهم انتهاك حرمات الله سبحانه ، وتعدي حدوده ، وقتل أوليائه، وخفر ذمته ، واستخفاف بحقه ، والفساد في أرضه ، والعمل بالظلم في عباده وبلاده ، فهذان قولان مما أهلك العباد والبلاد بهما ، فنعوذ بالله منهما ، ونبرأ إلى الله من أهلهما ، ونسأله فرجا عاجلا ، إنه قريب مجيب.
[فرائض الله ونواهيه]
فإذا أقرّ العبد بما وصفنا من توحيد الله وعدله وعرفه ، فعليه بعد ذلك أن يؤدي ما افترض الله عليه (٢) من الصلاة والزكاة والصوم والحج ، إذا كان لذلك مطيقا ، والجهاد في سبيله لجميع أعدائه من الكافرين والفاسقين ، إذا أمكنه ذلك واحتيج فيه إليه ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إذا لزمه ذلك بنفسه ، ومع غيره إذا أمكنه ذلك ، ويؤدي ما
__________________
(١) أخرجه الخطيب عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (شفاعتي لأهل الذنوب من أمتي) ، قال أبو الدرداء : وإن زنى وإن سرق؟!! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : نعم ، وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء!!! تاريخ بغداد ١ / ٤١٦. وأخرج البخاري عنه صلىاللهعليهوآله : (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله ، خالصا من قلبه) ١ / ١٩٣. وأخرج البخاري أيضا : (وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا يصدق قلبه لسانه ، ولسانه قلبه) ٢ / ٣٠٧ ، وأخرجه أحمد ٢ / ٥١٨ ، والبخاري في التاريخ الكبير ٤ / ١١١ ، وابن حبان في الموارد / ٦٤٥ ، والحاكم ١ / ٧٠. وأخرج أحمد ٦ / ٢٨ في آخر حديث (فأنا أشهدكم أن شفاعتي لمن لا يشرك بالله من أمتي). وأخرجه الترمذي ٤ / ٤٧ ، والطيالسي ٢ / ٢٢٩ ، وابن خزيمة / ٢٦٤ ، ٢٦٥ ، وغيرهم. وأخرجه ابن ماجة في آخر حديث عن الشفاعة قال : (هي لكل مسلم) السنن ٢ / ١٤٤٤ ، والآجري في الشريعة / ٣٤٣ ، والحاكم ١ / ١٤. وفي لفظ للحاكم ١ / ٦٧ (هي لمن مات لا يشرك بالله شيئا) وأحمد ٥ / ٢٣٢. ورووا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي). أخرجه أحمد ٣ / ٢١٣ ، وأبو داود ٥ / ١٠٦ ، والبخاري في التاريخ الكبير ٢ / ١٢٦ ، وابن خزيمة / ٢٧١ ، والحاكم ١ / ٦٩.
(٢) في (ب) و (د) : يؤدي إلى الله ما افترض من ...