وقال بعضهم : فاسق منافق. فكلهم قد أقر بأنه فاسق) (١) واختلفوا في غير ذلك من أسمائه. فالحق ما أجمعوا عليه من تسميتهم إياه بالفسق ، والباطل ما اختلفوا فيه. ففي إجماعهم الحجة والبرهان ، نسأل الله التسديد والتوفيق ، لما يحب ويرضى.
والأسماء في الدين والأحكام ، عند ذي الجلال والإكرام ، ليس لأحد من المخلوقين أن يضع اسما وحكما على أحد من العالمين ، فيما هم به مأمورون وعنه منهيون ، فمن استحل شيئا من ذلك برأيه ، عن غير كتاب الله جل ثناؤه ، وسنة رسوله الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهو من الضالّين إذ كان عند الله كبيرا. لأن الحكم في ذلك كله لرب العالمين ، لقوله جل ثناؤه : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) [الأنعام : ٥٧].
وعلى العبد أن يتجنب (٢) الفاسقين ، والمعونة لهم على فسقهم ، والمجالسة لهم على لهوهم ومعاصيهم ، وعليه أن يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، لأن على كل مؤمن إذا رأى منكرا مما يجوز أن يغيره هو ، أن يغيره بكل ما يقدر عليه ويحل له ، وإن كان مما لا يجوز أن يغيره (إلا لإجماع المؤمنين بالتعاون ، فعليهم وعليه أن يغيروا) (٣) بكل إمكانهم ، بالسيف إن لم يجز إلا بالسيف ، وبما دون السيف إذا اكتفي به ، وأدنى ذلك النهي باللسان. فإن لم يمكنه ذلك لتعبه لتخوفه (٤) الهلاك أو تقية ، فإنكار ذلك بالقلب ، والعزم على التغيير إذا أمكن الأمر. ولا يترك صاحب المنكر حتى يتوب منه ، أو يقام فيه حكم رب العالمين ، ويدارى أهل المنكر ، ويوعظون بأرق الوجوه ، فإن أبوا إلا المقام على المنكر ، فإن قدر على إزالتهم عنه فلا يؤخر ذلك ، وإن لم يقدر على إزالتهم جونبوا بمجانبة جميلة ، وقطعت الولاية عنهم ، ولا يدعا لهم بخير حتى يتوبوا إلى ربهم ، إنه (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) [الشورى : ٢٥].
__________________
(١) سقط ما بين القوسين من : (ج).
(٢) في (ب) : يتقي.
(٣) سقط ما بين القوسين من (أ) و (ج).
(٤) في (ب) و (د) : بخوفه.