يعود إلى مثل ذلك أبدا.
فإن كان صار إليه مال من ناحية ظالم غاصب ، وهو به عالم بسبب معونة له في ظلمه ، ودخول معه في غصبه ، وأخذ ذلك هبة منه ، وهو يعلم أن ذلك ظلم وغصب لغيره ، فالتوبة مما أخذ من ذلك أن يخرجه من عنده ، فيرده على أهله المغصوبين إياه ، ولا يحل له أن يرد شيئا من ذلك إلى الغاصب ، لأنه ليس له.
وإن كان أنفقه وليس عنده شيء منه ، كان ضامنا لرده ـ إذا أمكنه ـ على أهله ، ويتوب إلى الله جل ثناؤه من إنفاقه.
وأما ما كان من الربا فالتوبة منه ما وصفنا من الندم والاستغفار ، (١) ويخرج كل فضل فوق رأس ماله ، فيرده على ما وصفنا من رده على أهله إن عرفهم ، وإلا فعلى ما وصفنا من رده ، لكل ما لزمه رده.
[التوبة من القتل والجراحات]
وأما ما كان من قتل فلا توبة لقاتل المؤمن حتى يندم على القتل ، ويستغفر الله منه ، ويعزم على أن لا يعود إلى قتل أحد أبدا ظلما ، ويمكّن أولياء المقتول المؤمن من نفسه صابرا محتسبا ، يقول لهم : إنه قتل صاحبهم ظلما وعمدا وعدوانا. فإن فعل ذلك فهو تائب لا شيء عليه من إثم القتل ، فإن قتلوه تائبا ـ بحق هو لهم ـ فلا تبعة لهم عليه ، ولا للمقتول لديه حق ، وإن عفوا عنه فلهم أن يعفوا عنه ، لأن الحق بعد المقتول لأولياء المقتول. ويعوض الله جل ثناؤه المقتول إذا كان مؤمنا صابرا. ألم تسمع إلى قوله جل ذكره كيف يقول : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) [الإسراء : ٣٣]. فقد سلط الله جل ثناؤه أولياء المقتول على القاتل ، إن شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا عفوا وأخذوا الدية.
وإن تاب فيما بينه وبين الله ، ولم يمكّن أولياء المقتول من نفسه ، لم يسعه ذلك ولم
__________________
(١) في (ب) و (د) : والاستغفار منه.