وأما ما كان من ظلم الناس نحو اغتياب وتجسس ، أو سوء ظن بمؤمن ، أو سعاية إلى ظالم ، أو كذب عليه ، فالتوبة إلى الله جل ثناؤه من ذلك ، ويتحلل ذلك من أصحابه (١) الذين فعل بهم ، فإنه أحسن وأفضل ، ويكون ذلك على أجمل الوجوه.
فإن لم يمكنه التحلل ، ولم يفعله بعد أن يتوب إلى الله جل ثناؤه ، رجونا أن لا يضره ذلك.
وكذلك إن أساء إلى مماليكه في تقصير في مطعم أو ملبس ، مما لا يحل له أن يفعله بهم ، أو عاقبهم عقوبة أسرف فيها ، أو شتمهم بما لا يحل له ، فليتب إلى الله جل ثناؤه من ذلك كله ، وليتحلل من مماليكه.
وإن استدان رجل ما لا ينفقه على نفسه وعلى عياله ، بالقصد (٢) كما أمره الله جل ثناؤه ، وكان عزمه أن يرده إذا أيسر ، وأمكنه فمات قبل أن يؤديه ، وليس له مال ، ولم يترك وفاء ، فلا شيء عليه فيما بينه وبين الله جل ثناؤه وبين صاحب الدين ، لأن الله العدل ، الذي (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [البقرة : ٢٨٦] ، و (... إِلَّا ما آتاها) [الطلاق : ٦].
فإن أخذ دينا ونسي أن ليس عليه لأحد شيء ، فلا شيء عليه عندنا ، إذا لم يكن نسيانه ذلك من تشاغله بمعصية ربه.
فإن أخذ دينا فلم يرده إلى أصحابه ، حتى ماتوا فليؤده إلى ورثتهم ، فإن لم يعرف لهم ورثة وانقطعت آثارهم ، وانقطع ذكرهم ، فليتصدق به على المساكين ، وقد سلم من الإثم إذ (٣) تاب من حبسه ، وقد كان يقدر على أدائه.
فإن استقرض مالا فأنفقه فيما يحل له ويحرم عليه ، وكان من عزمه أن لا يؤديه إلى أهله (فهو فاسق ، وتوبته في ذلك الاستغفار والندم ، ورده على أهله) (٤) إن كان يقدر
__________________
(١) في (ب) و (د) : أصحابها.
(٢) يعني : بالاقتصاد.
(٣) في (أ) و (ب) و (ج) : إذا.
(٤) سقط ما بين القوسين في : (ب) و (د).