من تفريطه ، وليعزم على الحج ، وليحج إن قدر عليه ، وإن (١) لم أوصى أن يحج عنه ، فقد قال بعض العلماء ذلك. وقال بعضهم لا يحج عن أحد كما لا يصلى عن أحد ، ولا يصام عن أحد ، لأن تلك حقوق الله جل ثناؤه ، أمر عباده أن يتولوها بأنفسهم ، فإن لم يقدروا عليها عذرهم ولم يكلفهم غير هذا.
وأما ما كان من حقوق الناس فيما بينهم في أبدانهم ، وأموالهم ، فعليهم أن يخرج بعضهم إلى بعض منها ، ويعطي عنه إذا قدروا عليها.
وإن أوصى أن يحج عنه فحسن عندنا وهو أحوط.
وعلى المرتدين من الإسلام إذا تابوا ـ مع (٢) ما ذكرنا ـ من الظلم للناس في أبدانهم وأموالهم ومن (٣) الديون قبل ارتدادهم وفي ارتدادهم ، ثم أسلموا أن يتوبوا إلى الله جل ثناؤه من ذلك كله ، ويؤدوا الحقوق إلى أهلها كما يفعل المقرون ، لأن حكمهم في ذلك غير أحكام أهل الحرب ، لأنه لا قصاص بين أهل الإسلام وأهل الحرب (٤).
فعلى العبد مما وصفنا من هذه الذنوب التوبة النصوح ، وقد جعل الله جل ثناؤه لهم إليها السبيل.
التوبة النصوح هي الندم على ما كان من الذنوب ، وتركها والاستغفار منها وترك الإصرار عليها ، والعزم على أن لا يعود أبدا إليها ، فتلك التوبة المقبولة ، يقبلها التواب الرحيم.
فرحم الله عبدا اتقى الله في نفسه ، وتطهّر بالتوبة قبل الموت والفوت ، ولم تغره الحياة الدنيا ، ولم يغره بالله الغرور.
وليبادر بالتوبة قبل أن يسألها فلا يجاب إليها ، قال جل ثناؤه : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ
__________________
(١) في (ب) : وإن يوصي. وفي (د) : وإن أوصى.
(٢) في (ب) و (د) : من.
(٣) في (أ) : من الذنوب ، وفي (ب) و (د) : ومن الذنوب. وفي (ج) : من الديون. وما أثبت اجتهاد مني ، والله أعلم.
(٤) في (أ) و (ج) : بينهم وبين أهل الإسلام.