العقيدة وهدم الإسلام ومباديه الثابتة
ويقول الإمام القاسم إن عقائد المانوية أهون من أن يرد عليها أمثاله ، غير أن تجاهل العلماء لهم ، وجهل بعضهم بالرد عليهم ، ضخّم دعوتهم وشأنهم عند العامة فانقادوا لهم.
ثم يبين سر التوحيد والوحدانية والتفرد والصمدانية وتنزيه الخالق من الشريك والند والولد ، ويعقب ذلك تفسيره لسبب قذف الله الشياطين زمن نزول الوحي ، وكونه أمرا معقولا ليس لابن المقفع أو غيره عليه مأخذ ، ويبين السبب في نزول الوحي منشورا ، وأن للجن مقاعد للتسمع على أهل السماء ، وما الذي أدى إليه رجم الشياطين وحراسة الوحي.
ثم تلى ذلك الحديث عن علة خلق الله بعض عباده أطهارا بررة ، وبعضهم أرجاسا فجرة ، ولم يسمح الله عزوجل ، بظفر أعدائه بأوليائه ، وأن الله أن ينصر أولياءه بما يشاء.
وغلبة جند الله على حزب الشيطان أمر نافذ وحاصل ، وتفسير قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] ، وأن الله هو الرامي ، وإثبات قدرة الله وعدله بين خلقه ، وكذلك بيان السبب في قتل أعداء الله لأوليائه ، وأنه أمر يرجع لأصل الطبيعة الإنسانية ، يقول الإمام القاسم : «قاتله الله وقتله ، لو لم يقتلوا لم تجب لهم من الكرامة عنده ما أوجبه ، ولم يدركوا ثواب ما كان القتل فيه سببه ، ولو كان له علينا في قتلهم مطلب لكان في موتهم».
وقد أمهل الله عباده ، ليعرف المطيع من العاصي ، وأن فساد الأبدان بالعلل المهلكة ، والأديان بالعقائد الفاسدة يرجع للإنسان ، يقول الإمام القاسم : «لقد وفّاهم سبحانه طبائعهم مفصلة ، وسلمها إليهم مكملة ، عن هلكات العصيان ، وشين معايب النقصان ، فما دخلها من سقم بدن ، أو فساد متديّن ، فبعد اعتدال تركيبها ، عن كل نقص من معيبها ، وما فسد لهم من دين بعصيان ، فبعد هدى من الله وبيان ، وتخيير في الطاعة وإمكان».