النصرانية والنصارى
وها هم النصارى يحرفون الإنجيل ، ويشركون بالله سبحانه ، ويجعلون معه آلهة من البشر ، فيدعون أن عيسى عليهالسلام إله ، ويضللهم قساوستهم عن معنى الأب في الإنجيل ، ويحرفون الإنجيل ، وينكرون نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، التي شهد بها الإنجيل ، وحكاها الله في القرآن ، إذ قال على لسان عيسى عليهالسلام : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف : ٦].
فهب الإمام القاسم لقراءة التوراة والإنجيل والزبور ، قراءة مستوعبة فاحصة ، وإني لأقف مشدوها هاهنا!! هل كان الإمام القاسم ملما باللغات التي كتبت بها الكتب السماوية ، لأنه قبل عصر الترجمة؟! أم أنه سعى إلى ترجمتها؟! وكلا الأمرين ليسا بعيدين!
وأخذ الإمام ينقض الخرافة النصرانية في العقيدة ، معتمدا على نصوص الإنجيل نفسه.
ولا أبعد عن الصواب إذا زعمت أن معظم الذين كتبوا في الرد على النصارى ، إنما استفادوا من رد الإمام القاسم ، كابن حزم الأندلسي في القرن الخامس في كتابه (الفصل في الملل والنحل) ، الذي خصص جزأ كبيرا منه في نقد المسيحية ، وكذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي في موسوعته (المغني) الجزء الخامس ، وكذلك الباقلاني المتوفي سنة (٤٠٣ ه) تأثر به تأثرا واضحا ، خصوصا عند ما تحدث عن الجوهر والعرض والأقانيم ، والاتحاد والتجسد في كتابه (التمهيد) ، لأن هذه المصطلحات غريبة وجديدة على الفكر الأشعري.
ولتوضيح الصورة عن تحريف اليهود والمسيحيين للكتب السماوية ، ولتوضيح دور الإسلام في تصحيح مسار العقيدة ، ودور علماء الإسلام في المواجهة الفكرية مع هذا التحريف والتنزيف ، ودور الإمام القاسم الرائد في ذلك ، نقول : أساء اليهود استقبال المسيح عليهالسلام ، كما أساءوا استقبال أنبياء الله من قبل ، ولذلك ظلت العلاقة متواترة وغير سلمية بين اليهود والنصارى طوال تاريخهم ، ويرجع ذلك لعدة أسباب ، أهمها رفض اليهود للمسيح رفضا باتا ، منذ البدء الأول وهم يرفضونه ، على الرغم من