النصارى واليهود أيضا
وهذا نصراني من أقباط مصر يسمى (سلمون) كان يغشى الإمام ويسأله في قضايا التوحيد ويورد عليه إشكالاته ومسائله.
بل إنه كان يورد مسائله وشبهاته في مجلس الإمام الذي كان يجمع المتكلمين من سائر الطوائف فلا يجد لديهم جوابا شافيا ، أو ردا كافيا ، حتى يتدخل الإمام ، ويكشف له الحقيقة بالبرهان ، فلا يملك إلا التسليم والإذعان.
قال الإمام في كتاب مسألة الطبريين وهو في سياق الحديث عن (سلمون) القبطي المسيحي : فسأل يوما ـ وهو عندي ـ جماعة من الموحّدين ، وفيهم حفص الفرد البصري وكان من المتكلمين ، فقال : يا هؤلاء أخبروني فقد زعمتم أنكم تنصفون ، وأنكم لا تقولون إلا بما تعرفون ، من أين زعمتم أن من أنكر محمدا أو جحده ، ولم يقر بما كان من النبوءة عنده ، منكر لله جاحد؟ والله فغير محمد معبود ومحمد عابد؟ وإنكار واحد ليس بإنكار اثنين ، لأن الشيء الواحد ليس بشيئين! فقد سألت منكم كثيرا عن هذه المسألة ، فأجابوا فيها بجوابات مختلفة غير مقنعة ، وكيف أكون لك منكرا بإنكاري لغيرك؟ وهل تراه يصح في فكرك؟ أن أكون بإنكاري لمحمد لله منكرا وأنا به مقر ، وله موحّد مجلّ معظّم مكبّر؟
فأجابوه فلم يقنع بجوابهم ، ولم يستمع لمقالهم.
وكان مما أجبته به في مسألته ، وما كان فيها من مقالته ، أن قلت : أخبرني يا هذا إذ أنكرت محمدا وما جاء به من رسالاته ، أليس قد زعمت أن ما كان معه من آيات الله ودلالاته ، وما كان يرى الناس من الأعاجيب ، وينبئهم به من السر والغيب ، ليس كله من الله ، ولا شيء منه بصنع الله ، وأضفت ذلك كله إلى غير الله؟!
فقال : بلى. لا شك ولا امتراء.
فقلت : أفلا ترى أنك لو أنكرت أن تكون السماء والأرض من الله ولله خلقا صنعا ، مفتطرا بدعا ، كنت بإنكار ذلك لله منكرا ، وإن كنت بالله عند نفسك مقرا!! فكان في هذا الجواب ـ بحمد الله ـ ما حجّه وقطعه ، وكفاه في الاحتجاج عليه وكفه عن التشنيع ومنعه ، ولم يتكلم بعده ـ علمت ـ في مسألته بكلمة واحدة ، وأمسك في