منهج الإمام القاسم في الرد على المشبهة
١ ـ يرد الإمام القاسم في هذه الرسالة على المشبهة والمجسمة ، وقد زعموا أن الله في السماء واستدلوا على ذلك بالنص القرآني ، فرد عليهم بأن هذه النصوص هناك نصوص مثلها تدل على أنه ليس في السماء ، فأيهما أولى بالتصديق وأيهما أولى بالرد ، فللصعود معان في اللغة ، وللفاء معان أيضا تحتملها لغة العرب الذي نزل بها القرآن ، على غير ما قصد المشبهة من المكانية ، والتي هي ممتنعة على الله ، وعقب على ذلك بقوله : (فالمعنى في ذلك كله المشاهدة والتدبير ، لا على أنه في شيء يحويه ، ولا على أنه مع شيء ملازق له ، ولا على أنه على شيء ، كما الإنسان على السرير وعلى السطح ، قد خلا منه ما هو أسفل من ذلك!).
٢ ـ وكذلك نفى كونه تعالى على العرش ، لأن العرش ليس بأحق من غيره من الأماكن ليوجد فيه الله ، وهو ما يعلن بالتحيز والجهة ، وكل ذلك منفي عن الله عقلا ونقلا ، وكيف يمكن الجمع بين كونه تعالى في السماء ، والعرش نفسه فوق السماوات على حد قولهم؟ ..
وهناك من المشبهة من قال بأن الله تعالى نفس كنفس الإنسان ، فرد عليهم ، وبيّن لهم أن للنفس معان مختلفة في اللغة العربية يليق بعضها بذات البارئ. فلم حمل المشبهة معنى النفس في القرآن على أنها نفس كنفوس بني آدم؟!
يرجع الإمام القاسم ذلك إلى جهلهم بالخطاب الإلهي وعدم معرفتهم بحقيقة التوحيد ، وجهلهم بلغة العرب الذي نزل القرآن بها.
٣ ـ المسألة الثالثة كانت في رده على من زعم أن الله نور كالأنوار المخلوقة ، وهو عين مذهب المجوس والثنوية ومذهب المانوية في كونه تعالى نورا ، والشيطان هو الظلمة ، أو أن العالم ما هو إلا النور والظلمة وقد حدث من امتزاجهما ، إلى آخر ما قالوا وردّ عليهم بتفصيل أكبر في رسالته التي رد فيها على ابن المقفع.
فبيّن الإمام القاسم أن النور المقصود في قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) [النور : ٣٥] ليس ذلك ، ولا يمكن أن يكون هو بحال من الأحوال. والله