عما كان من الإقرار لله عليه ، بتركه لما كان مقرا لله بالحق فيه ، فتشهد عليه نفسه (١) لله بكفره ، وتثبت عليه فيه الحجة باعترافه وإقراره ، فبان منه الكفر ، وانقطع عنه العذر ، فلا عذر له عند نفسه ولا اعتذار ، ولا خفاء لكفره ولا استتار.
وكذلك كل من أسلمه الله إلى الباطل وحيرته ولبسه ، وحجة الله قائمة عليه في الحق بنفسه ، وفي إقراره من ذلك بما (٢) يقر ، حجة لله عليه فيما ينكر ، وسواء قيل : اقترب أو تقرّب ، معناهما واحد في التقرب. والسجود فهو السجود الذي يكون بعد الركوع ، وليس سجود التذلل والخضوع ، وكلا الوجهين فقد يدعا سجودا ، وبرا إذا كان ممن هو فيه بيّنا موجودا.
وتأويل (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (٩١) : فمن السجود والصلاة ، وتأويل (وَاقْتَرِبْ) فمن التقرب مما تقرّب به (٣) من الحسنات ، وسواء قيل : اقترب أو تقرب ، معناهما جميعا اقتراب (٤) ، واحد ذلك كله فيما يقال به فيه فصواب.
تفسير سورة التين
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته صلوات الله عليه عن تفسير : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)) فالتين : فهو هذا التين المأكول ، والزيتون : فهو هذا الزيتون المعلوم ، وقد ذكر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : أن التين والزيتون هو التين الشامي خاصة وزيتونه ، وذلك لما جعل الله للشام من التقديس والبركة ، وفي الشام ما يقول موسى عليهالسلام لبني إسرائيل : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) [المائدة : ٢١] ، وما ذكر الله من طور سينين ، فهو الجبل الذي كلم
__________________
(١) في (أ) : فشهد على نفسه لله.
(٢) في المخطوطتين : ما. ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) سقط من (ب) : به.
(٤) في المخطوطتين : اقترب. ولعل الصواب ما أثبت.