عَلِيمٌ) (٣٥) [النور : ٣٤ ـ ٣٥]. فمثّل سبحانه ما في كتابه من نوره وهداه ، وما وهب ـ من تبيينه فيه برحمته ـ أولياءه ، بمشكاة (١) قد ملئت نورا بمصباح في زجاجة نقية ككوكب (٢) دريّ ، ومثّل كتابه بما فيه من هداه بنور مصباح زاهر مضيّ ، قد نقيا من كل ظلمة وغلس ، (٣) وصفيا من كل كدر ونجس ، فأعلمنا سبحانه بأنه هو نور السماوات والأرض ومن فيهما ، إذ هو الهادي لكلّ من اهتدى من أهليهما.
وقد قيل في التفسير : إن المشكاة هي الكوة ، التي يجمع (٤) ما فيها كما يجمع ما فيه السقا والشكوة ، (٥) فنور هدى كتاب الله محفوظ (٦) بالله مجتمع ، وكل من وفقه الله لرشده فهو لأمر الله كله فيه متبع ، لا (٧) يسوغ لأحد عند الله من خلافه سائغ ، ولا يزيغ عن (٨) حكم من أحكام الله فيه (٩) إلا زائغ ، يزيغ الله قلبه بزيغه عنه ، ويفارق من الهدى بقدر ما فارق منه ، كما قال علام الغيوب : وخلّاق ما ضل (١٠) واهتدى من القلوب : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) [الصف : ٥].
[القرآن الحكم الفصل]
وفيما جعل الله في كتابه من الحكم والفرقان والفصل ، ما يقول الله تبارك وتعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) (١٤) [الطارق : ١٣ ـ ١٤]. والفصل فهو الحكم
__________________
(١) في (ب) و (ج) و (د) و (ه) : مشكاة.
(٢) في (ج) : كوكب.
(٣) في (ب) وغيس. والغلس : ظلمة آخر الليل.
(٤) في (أ) و (د) : تجمع.
(٥) الشكوة : هي وعاء من جلد كالقربة يبرد فيه الماء.
(٦) في (ج) : تحتفظ.
(٧) سقط من (أ) و (د) : فيه. وفي (ب) : متبع ، ولا.
(٨) سقط من (ب) : عن.
(٩) سقط من (ج) : فيه.
(١٠) في (ب) و (د) : ما أضل ..