النار ، ومن الذي هو أسفل درجة من كفره إن لم يهرم ؛ إن (١) هو نكّس وردّ في الآخرة إلى نار جهنم ، فنعوذ بالله من السفال ، بعد التّمة والكمال ، وكل إنسان فرذل ، ليس له كمال ولا فضل ، كما قال سبحانه : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨)).
فكلما لم يدخله من العطايا والجود ، وذلك فما لا يوجد أبدا إلا في عطايا الله الجواد الكريم ، وكل عطاء أعطاه معط سوى الله من حميد أو ذميم ، فليس يخلو من أن تدخله منّة وامتنان ، وإن لم ينطق بالمنة فيه لسان ، لأن من وهبه وأعطاه ، لم يعطه إلا بعد أن تكلّفه وعاناه ، والله جلّ جلاله يعطي من أعطى ما يعطيه (٢) ، بغير معاناة من الله ولا تكلف فيه ، وكل معط سوى الله ، فإنما يعطي ما أعطى من رزق الله ، وإنما يعطي مما قد جعله الله له ، ومما هو لله تبارك وتعالى فنحمد الله الذي لا شريك له ، الذي يعطي فلا يعطى ، والذي لا يعطي معط سواه إلا ما أعطى (٣).
تفسير سورة الانشراح
بسم الله الرحمن الرحيم
وسألته صلوات عليه عن تفسير : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)).
__________________
(١) في (ب) : إذ.
(٢) في (أ) : الله يعطي من يعطيه.
(٣) وعن أبي خالد عن الإمام زيد بن علي عليهماالسلام في قوله تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ) فالتين : الذي يؤكل ، والزيتون : الذي يعصر ، ويقال : التين والزيتون جبلان ، والطور : جبل ، وسيناء الحسن بالحبشة ، والبلد الأمين : يعني مكة.
وقوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) معناه : في أحسن صورة ، وقوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) معناه إلى أرذل العمر إلى أن يبدل حالا بعد حال ، وقوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) معناه : غير مقطوع ، ويقال : غير محسوب. تفسير الغريب / ٣٩٦.