مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩)) يبين لك في وجه المسفر الضحك (١) ولعله لا يضحك ، ويبين لك في وجه الكافر البكاء ولعله لا يبكي ، وبلى كم من باك ندامة! وكم من ضاحك استبشارا بما بشر به من نعم الله التامة! ومعنى (مُسْتَبْشِرَةٌ) : متباشرة بما قد رأت من علامات الخير.
(وَوُجُوهٌ) معناه : وجوه الكفرة ، (يَوْمَئِذٍ) تقدم تفسيره ، (عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠)) يعني : القتام ، يلحق وجوه الكفرة والإظلام ، (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١)) تلحقها وتعلوها قترة ، والقترة فهي : الغبرة المقترة المهلكة الكريهة ، وهذا جرم ما يكون من الكسوف على الوجوه من الظلمة (٢).
ثم بيّن فقال : (أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢)) الكفرة : فهم الكافرون لأنعم الله ، والجاحدون لربوبيته أيضا ؛ لأن الكفر كفران ، كفر نعمة وكفر جحدان ، وكل أولئك صائر إلى سخط في عذاب أليم ، (الْفَجَرَةُ) معناه : الفجرة في الدين ، وأهل الإطراح لحقوق رب العالمين ، والافتتان فيما لا يحل لهم [من] محارم خالق الخلق أجمعين ، وقد يكون الفجور ، الارتكاب لأكبر الشرور ، من الفسق وأخبث الأخباث ، من الإتيان للذكران والإناث ، مما لم يأمر الله به ، ولم يسوغه في قرآنه ولم يثبته.
[تفسير سورة النازعات]
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله سبحانه : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥)).
النازعات فيما أرى ـ والله أعلم ـ : فهن السحائب المنتزعات لماء الأمطار من البحار والأنهار ، ومما في الأرض من الندوة والبخار ، وكذلك صح في الروايات
__________________
(١) في المخطوط : كالضحك. ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) في المخطوط : الوجوه والظلمة. وما أثبت اجتهاد.