بسم الله الرحمن الرحيم
[مبدأ التفصيل]
الحمد لله فاطر السموات والأرض ، مفضل بعض مفطور خلقه على بعض ، بلوى منه تعالى للمفضّلين بشكره ، واختبارا للمفضولين بما أراد في ذلك من أمره ، ليزيد الشاكرين في الآخرة بشكرهم من تفضيله ، وليذيق المفضولين لسخط إن كان منهم في ذلك من تنكيله ، ابتداء في ذلك للفاضلين بفضله ، وفعلا فعله بالمفضولين عن عدله ، يقول الله جل ثناؤه ، وتباركت بقدسه أسماؤه ، (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣)) [الأنبياء : ٢٣]. وقال : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨)) [القصص : ٦٨]. ويقول تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥)) [الأنعام : ١٦٥]. ويقول تبارك وتعالى : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (٢١)) [الإسراء : ٢١]. ويقول سبحانه : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٣٢)) [الزخرف: ٣٢]. وقال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠)) [الإسراء : ٧٠]. وقال تبارك وتعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣)) [الجاثية : ١٣]. ويقول سبحانه : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢)) [النحل : ١٢]. والحمد لله رب العالمين ، الذي جعلنا من أبناء المرسلين ، الذين اختصهم بصفوة تفضيل المفضلين ، ونستعين مبتدئ الخيرات ، وولي كل حسنة من الحسنات ، على واجب شكره ، وكريم أثره ، فيما ابتدأ به من فضله ، وخص به من ولادة رسله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، عليه توكلنا وهو رب العرش الكريم.