[القرآن رحمة وشفاء]
وفيه وفي رحمة الله به وشفائه ، وما جعل (١) فيه لكل ذي حكم من أكفائه ، ما يقول سبحانه : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥١) [العنكبوت : ٥١]. فمن لم يكتف بضيائه فلا كفي ، ومن لم يشتف بشفائه فلا شفي ، ففيه شفاء كل داء ، وبيان كل قصد واعتداء ، فلا يعرض عنه أبدا مهتد ، ولا يصد عنه إلّا كل معتد ، هالك مهلك ، يأفك ويؤفك ، يفتري على الله الإفك والزور ، (٢) ويؤثر على اليقين بالله الغرور ، فهو أبدا التائه المغرور ، وقلبه فهو الخراب البور ، (٣) الذي لم يعمر بهدى الله منه معمور ، ولم يسكنه من أنوار حكمة الله نور.
أو ما سمع ـ ويله ـ قول الله جل جلاله ، عن أن يحويه قول أو يناله : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [المائدة : ٤٨] ، فكفى بهذا على من أعرض عن كتاب الله بيانا وبرهانا واحتجاجا.
وأين بمن عرف الله وحكمته؟ وإحسانه بتنزيل (٤) الكتاب ونعمته ، عن كتاب الله وتنزيله ، وما فيه من فرقان الله وتفصيله ، وهل يذهب عنه إلا عميّ (٥) القلب مقفله؟! لا يتدبر حكم الله ولا يعقله ، كما قال سبحانه : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (٢٤) [محمد : ٢٤] ، فلا يسقط أبدا المعرفة بما جعل الله في كتابه من النور عن القلوب إلا انقفالها ، ولا ينقفل قلب عما فيه من الهدى إلا بضلال ، ولا يترك ما ذكر الله من تدبيره إلا من كان من الضّلال ، فأما من نوّر الله قلبه ، ورضي عقله ولبّه ،
__________________
(١) في (أ) ، و (د) : وأشفائه وما جعل. وفي (أ) و (د) : وما جعله.
(٢) في (ب) و (ج) : والوزر (مصفحة).
(٣) البور : الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه.
(٤) في جميع المخطوطات تنزيل الكتاب. ولم يتبين معناه ، وما أثبته اجتهاد مني ، فلعله الصواب ، والله أعلم.
(٥) في (ب) و (ج) : أعمى.