لهم تناول معتمل ، ولا حركة في عمل ، حرم تناوله عليهم ، أو حكم بخلافه فيهم.
ثم إذا صاروا إلى النكاح على ما أمروا به إلى الحد ، لم يلبثوا أن يصيروا إلى عيال وولد ، يحتاجون لهم إلى أقوات (١) التغذية ، وأنواع ضروب متاع التربية ، مع حاجتهم للأولاد والأنفس ، إلى ما يحصنهم من الحر والبرد من الملبس ، وما يستر عورات الرجال والنسوان (٢) ، وما يظلهم من سواتر الأكنان ، وما يحتاجون إليه من اتخاذ الأبنية ، وما لا بدّ لهم منه (٣) من أمتعة الأفنية ، وكل ذلك من حوائج الإنس ، يدخل فيه منهم (٤) أشد التنافس ، لما يعم جميعهم من الحاجة إليه ، ولظاهر ما لهم من المنافع فيه ، فلا بد في كله ، وجميع ضروب معتمله ، من أن يقاموا فيه على حد معلوم ، وأن يلزمهم فيه فرض حكم معزوم ، وإلا اقتتلوا عليه وتواثبوا ، وتناهبوا فيه واغتصبوا ، وفنوا (٥) فلم يبقوا ، وصاروا إلى خلاف ما له خلقوا.
ولمّا كانوا إلى ما ذكرنا مضطرين ، وفي أصل الفطرة عليه مفطورين ، تفرقوا في أنواع الصناعات ، واحتالوا للمكسب (٦) بضروب البياعات ، فلم يكن لهم عند ذلك بد في البديّ الأول من معلّم يقوم عليهم ، ويبين لهم أقدار مواقع مصالح ذلك فيهم ؛ ليتعاملوا بها وعليها ، ويصيروا إلى مصالحهم فيها ، وإلا فسدوا وفنوا (٧) ، وهلكوا ولم يبقوا.
[صفات المرشد ووجوب الثواب والعقاب]
ثم لا بدّ لمعلمهم ، ولولي (٨) أدب تعليمهم ، من أن يكون عالما بجهات منافع الأشياء،
__________________
(١) في (ب) : قوت.
(٢) في جميع المخطوطات : عورات النساء والرجال. وما أثبت اجتهاد لأنه أوفق لكلام الإمام.
(٣) سقط من (أ) و (ج) : منه.
(٤) في جميع المخطوطات : حوائج الإنسان. وما أثبت اجتهاد. وسقط من (ب) : منهم.
(٥) في (أ) : أو فنوا. وفي (ج) : أو فنيوا.
(٦) في (ب) و (د) : للمكتسب.
(٧) في (أ) و (ج) : وفنيوا.
(٨) في (ب) و (د) : وولي.