مأمونا عليهم في الدين والدنيا ، لأنه إذا (١) كان على غير ذلك كان مثلهم ، يسيء ويجهل في الأمور جهلهم ، ثم لا يكون مع هذا يجب عليهم اتباعه ، وقبول ما تقدم من أمره واستماعه ، مع ما يدعوهم إليه من الكف عن كثير مما يحبون ، ويأمرهم به من الدخول في كثير مما يكرهون ، إلا بأن يكون لهم في خلافه مخوفا بعقاب ، وفي الانتهاء إلى معهود أمره موجبا لثواب.
وذلك أنه لا يكون أن ينقادوا له ، حتى يؤدبهم ويقبلوا قوله ، إلا بافتراق درجة المطيع والعاصي ، وتباين مكان المحسن عنده والمسيء ، وذلك فما لا يدخله (٢) تفرّق ، ولا يفرق بينه مفرّق ، إلا من حيث قلنا ، وعلى ما مثلنا.
[معجزات الأنبياء]
ولا يكون مخوفا للعاصي بعقابه ، ولا داعيا للمطيعين إلى ثوابه ، إلا بدلائل أعلام بينة ، تفرّق بين المدعي منزلته وبينه ، ولا يجوز أن تكون أعلامه (٣) مما يقدر على مثلها ، فلا يؤمن على فعلها وممكن نيلها ، مدّعي منزلته ظلما وعدوانا ، وفسقا وطغيانا. ولا تكون الدلالة عليها ، وشاهد علم الإبانة فيها ، إلا من الله لا يحدث غير الله خلقها ، ولا يحسن سوى من هي عليه دلالة تخلّقها (٤) ، وكانت من الله كغيرها ، من دلائله في ضوء منيرها ، وإسفار نور مبينها ، وإبانتها من الأئمة بعينها ، وانقطاع عذر المعتلّين على الله في رفضها ، بعقد لو كان منهم لما نصب من علم دلائل فرضها.
وكذلك فعل الله بالرسل صلوات الله عليها وأوصيائها ، وإبانتهم (٥) من غيرهم بنور دلائله وضيائها.
__________________
(١) في (أ) و (ج) : إن.
(٢) في (ب) : مدخل له بفرق.
(٣) في (أ) : علامه. وفي (ج) : علامة.
(٤) في (ب) : بخلقها. وفي (أ) و (ج) : يخلقها.
(٥) في (ب) : وأبانهم بغيرهم.