فلا يعدل بتذكر ما أنزل من الكتاب ، كما قال الله سبحانه : (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) [البقرة : ٢٦٩] ، وقال سبحانه في كتابه ، وما ذكر الله من نعمه وتذكيره به : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (٣٧) [ق : ٣٧].
وما ذا يا سبحان الله يريد؟! من خلق الله كلّهم مريد رشيد؟ بعد قوله تبارك وتعالى لقوم يسمعون : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٨٣) [آل عمران : ٨٣]. فأخبر (١) سبحانه عن استسلام من في سماواته وأرضه ، لحكمه فيهم وفي غيرهم وفرضه ، وأخبرهم عن مرجعهم جميعا إليه ، ليحفظ كل امرئ ما حكم به له وعليه ، تعليما من الله لهم لا كتعليم ، وهداية (٢) من الله لهم إلى صراط مستقيم.
فكتاب الله أعانكم الله ما حييتم (٣) فاحفظوا ، وبه هداكم الله ما بقيتم فاتعظوا ، فإنه أوعظ ما اتعظ به متعظ ، وخير ما احتفظ به منكم محتفظ ، لما جعل فيه لحافظه من النجاة ، ووهب لمواعظه لمن اتعظ بها من الحياة ، فعليه (٤) فاحيوا ما حييتم ، وبه فتمسكوا ما بقيتم ، وفيه ما يقول لمن كان قبلكم رب العالمين : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (١٧٠) [الأعراف : ١٧٠]. فالتمسك به أحسن الإحسان ، وحقيقة الإصلاح والإيمان.
[حفظ الكتاب من الضياع]
وهو فكتاب الله المحفوظ الذي لم يضع منه بمنّ الله (٥) قطّ آية ، فيضيع (١) بضياعها
__________________
(١) في (ج) و (د) : وأخبر.
(٢) في (د) : وهدى.
(٣) في (أ) و (د) : له فاحفظوا.
(٤) سقط من (ب) و (د) و (ه) : فعليه.
(٥) في جميع المخطوطات : بمن بكتاب. ولعلها مصحفة. وفي (د) : بمن الله أية قط آية (زيادة).