ومن أجلها ، كانت القرابة والحكمة على الإمام دليلا ، وإلى وجوده عند الحاجة والطلب سبيلا.
إن مطلبه في القرابة أسهل على الطالبين ، وأيسر في تكليف فرضه على المكلفين ، وأقطع لعذر المعتلين ، وأبلغ في الحجة على المتجاهلين ، وأقرب إلى (١) متناول البغية ، إذ لا يمكن تقريبها بالتسمية ، والدولة دولة الجبارين (٢) ، مخوف فيها قتل الأبرّين.
[طريق الإمامة]
ولو كان ـ الأمر في الإمامة كما قال المبطلون فيها ، وعلى ما زعموا من أنهم الحاكمون بآرائهم واختيارهم عليها ، وأن الخيرة فيها ما اختاروا ، والرأي منها وبها ما رأوا ـ لكان في ذلك من طول مدة الالتماس ، وما قد أعطبوا بقبحه وفساده من إهمال الناس ، ما لا يخفى على نظرة عين ، ولا تسلم معه عصمة دين ، ولصاروا إلى ما كرهوا من فساد الاهمال ، (٣) ولتعطل في مدة الطلب أكثر الأحكام ، من الجمع والأعياد ، والدفع والجهاد ، وقذف المحصنات ، ومكابرة المؤمنات ، ولسقط حد الزاني والزانية ، وكل حكم خصه الله بالتسمية.
ثم لما كان لما هم فيه من الطلب غاية تعرف ، ولا للغرض فيه نهاية ينتهي إليها المكلف ، ومن شأن الله تيسير كلفه ، وتقريب تعريف معرّفه ، كنحو من تكليفه ، وما كان من تعريفه ، جل ثناؤه لنفسه ، بما بين السماء والأرض من خلقه ، وما عرف من رسله ، بتواتر أعلام دلائله ، وكقوله : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) [الحج : ٧٨]. وكقوله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ
__________________
(١) في (ب) : في تناول.
(٢) في (ب) و (د) : جبارين.
(٣) في هاتين السجعتين اختلاف. ولربما أن هنا خطأ ما.