بنفسه ، وكان يأتيه بالطعام ليلا ، (١) وأمره [أن] يؤدي الأمانات (٢) التي كانت على يده ، وأن يخرج إليه أهله ، فنفد أمره ومشى مع أهله ، حتى تفطرت قدماه دما (٣). وخرج إلى
__________________
ـ فأوحى الله إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ، آخيت بينه وبين نبيي محمد فبات على فراشه يقيه بنفسه ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فكان جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب؟! الله عزوجل يباهي بك الملائكة ، فأنزل الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ). الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ١ / ٩٦ (١٣٣) ، وأسد الغابة ٤ / ٢٠ ، وتاريخ اليعقوبي ٢٣٩ ، وتاريخ الخميس ١ / ٣٢٥ ٣٢٦ ، وتاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي ١ / ١٥٣ (١٨٧) و (١٨٨) و (١٨٩) ، وتاريخ بغداد ١٣ / ١٩١ (٧١٦٨).
وكل من فسر آية (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ ...) يذكر قصة الهجرة ومبيت عليعليهالسلام في فراش النبي ، وجميع المؤرخين وكتّاب السير مجمعون على مبيت علي عليهالسلام في فراش النبي صلىاللهعليهوآله ليقيه بنفسه.
(١) قال مغلطاي : (ولم يعلم بخروجه عليه الصلاة والسلام إلا علي وأبو بكر ، فدخلا غارا بثور ....) سيرة مغلطاي / ٣٢. وأعلام الورى / ١٩١ للطبرسي.
(٢) قال ابن هشام : أما علي ، فإن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ـ فيما بلغني ـ أخبره بخروجه ، وأمره أن يتخلف بعده بمكة ، حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم الودائع ، التي كانت عنده للناس ، وكان رسول الله صلى الله عليه [وآله] ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده ، لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه [وآله] وسلم. سيرة ابن هشام ٢ / ١٢٩.
(٣) عن أبي رافع : أن عليا كان يجهز النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حين كان بالغار ، ويأتيه بالطعام ، واستأجر له ثلاث رواحل ، للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأبي بكر ، ودليلهم ابن أريقط ، وخلفه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيخرج إليه أهله فأخرجهم ، وأمره أن يؤدي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه ، وما كان يؤتمن عليه من مال ، فأدى علي أمانته كلها ، وأمره أن يضطجع على فراشه ليلة خرج ، وقال : إن قريشا لن يفقدوني ما رأوك. فاضطجع علي على فراشه ، وكانت قريش تنظر إلى فراش النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيرون عليه رجلا يظنونه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى إذا أصبحوا رأوا عليه عليا ، فقالوا : لو خرج محمد لخرج بعلي معه. فحبسهم الله عزوجل بذلك عن طلب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حين رأوا عليا ، ولم يفقدوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا أن يلحقه بالمدينة ، فخرج علي في طلبه بعد ما خرج إليه فكان يمشي من الليل ، ويكمن بالنهار ، حتى قدم المدينة ، فلما بلغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قدومه ، قال : ادعوا لي عليا. فقالوا : إنه لا يقدر أن يمشي ، فأتاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلما رآه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اعتنقه وبكى رحمة له مما رأى بقدميه من الورم ، وكانتا تقطران دما ، فتفل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في يديه ثم مسح بهما رجليه ، ودعا له ـ