فإن قالوا : بل خطأ. لزمهم أنه يجوز أن يخالف رسول الله صلىاللهعليهوآله. وإن زعموا أنه صواب فقد زعموا أن خلاف النبي عليهالسلام صواب. وهذا ما لا يقول به أحد من المصلين. وزعموا أن أبا بكر وعمر جائز لهما أن لا يقتديا برسول الله صلىاللهعليهوآله. وهذا شر ما أضيف إليهما ترك الاقتداء بالنبي صلىاللهعليهوآله.
وقال بعضهم : إذا كانت الشورى بين المسلمين فليس بمتناقض إنما هو ما رأى المسلمون ، إذا أجمعوا على أن يصيّروا رجلا بعينه ، وأن يجعلوه بين ستة فهو ما فعلوا ، فلهم ذلك ، وليس في هذه الفريضة تناقض ، إنما كان الأمر شورى.
فيقال لهم الشورى من الجميع أم (١) من بعض؟!
فإن قالوا : من الجميع. قيل لهم : فكيف جعل أبو بكر عمر بغير شورى بين المسلمين؟! وقد وجدناهم يقولون ننشدك الله أن تستعمل علينا عمر فإنه فظ غليظ. فقال : أتخوفونني بالله ، أقيموني فلما أقاموه ، قال اللهم إني إذا لقيتك قلت استعملت عليهم خير خلقك (٢). والدليل على أنها لم تكن شورى أنه ساعة مات أبو بكر كان الخليفة من بعده عمر. وقد أجمع الناس على هذا. وقد أقاموا بعد رسول الله ثلاثة أيام يشاورون في أبي بكر. إلا أن يكون عمر بان من الفضل بما لم يكن بان به أبو بكر عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم!! فإذا انكسر هذا لم يكن يجوز لأبي بكر أن يقدم عمر إلا بشورى ، ولا يجوز له ذلك دون المسلمين جميعا.
وكذلك أيضا يلزمهم في ستة دون المسلمين. فيلزمهم إن كانت إصابة الإمامة لا تكون إلا بالشورى من الجميع ، أن الذي فعل أبو بكر خطأ ، وأن الذي فعل عمر خطأ ، وإن كانت الشورى بين ستة كما فعل عمر فقد أخطأ أبو بكر ، وإن كانت كما فعل النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد أخطأ! جميعا!
ويسأل الذين زعموا أن فريضة الإمامة من رسول الله صلىاللهعليهوآله لأبي بكر بالصفة والدلالة ، وأنهم إنما أقاموا أبا بكر بتلك الدلالة ، مثل قول النبي صلى الله
__________________
(١) في (أ) : أو.
(٢) انظر القصة في الإمامة والسياسة لابن قتيبة ١ / ١٩