ومثل : يوم بدر أقعده معه في العريش (١) ، وكان مجلسه عن يمين رسول الله عليهالسلام. قالوا بهذه الصفات اختاروا أبا بكر.
قيل لهم : فما بال أبي بكر لم يدل على عمر بالصفة حيث سماه لهم باسمه ونصبه بعينه ، وأقامه بعده ، كما دلّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أبي بكر؟! ولا يجدون إلى دفع ذلك سبيلا. وهذا خلاف لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يفرض فريضة بالدلالة ، ويجعلها أبو بكر بالنص وكذلك عمر أيضا جعلها شورى. وهذا ما لا يجوز ، أن يحوّل فريضة من فرائض الله عن جهتها ، وإن جاز أن يخالف رسول الله
__________________
ـ المخضب. قالت : ففعلنا فاغتسل فذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق حتى أغمي عليه ثلاث مرات وهو يسأل أصلي الناس؟ ثم أرسل صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أبي بكر ليصلي بالناس. فطلب أبو بكر من عمر أن يصلي بالناس فامتنع عمر. فصلى أبو بكر تلك الأيام ، ثم خرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليصلي وأبو بكر يصلي بالناس فتأخر أبو بكر فأومأ إليهصلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يتأخر ، وجلس جنب أبي بكر وصلى به وأبو بكر يصلي بالناس.
وفي رواية للبخاري ٢ / ١٣٠ ، ومسلم ٤ / ١٤٢ ، أن أبا بكر كان يصلي بالناس في وجع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ستر الحجرة فنظر إليهم ، ونكص أبو بكر على عقبه فأشار إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتموا الصلاة وأرخى الستر وتوفي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من يومه.
وفي رواية للبخاري ٢ / ١٣١ ، ومسلم ٤ / ١٤٣. أنها أقيمت الصلاة فذهب أبو بكر ليتقدم فقال نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحجاب فرفعه فأومأ بيده إلى أبي بكر أن يتقدم وأرخى صلىاللهعليهوآلهوسلم الحجاب فلم نقدر عليه حتى مات.
أقول : ما هذا الاضطراب؟
في الرواية الأولى يكشف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الحجاب وهم يصلون فيتأخر أبو بكر فيومئ لهم صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتموا؟؟ وهنا يكشف الحجاب وأبو بكر يذهب ليتقدم ثم يتراجع فيومئ له صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتقدم.
أقول هذا من جهة المتن ، وأما من جهة السند فارجع إلى فتح الباري تجد الشارح يحاول جاهدا التوفيق والتلفيق ، فبعض الروايات مرسلة والأخرى موصولة ، وهناك أكثر من خلل. والمقام لا يتسع وإنما أردنا الإشارة وإلا فالموضوع بحاجة إلى دراسة وافية ، أرجو أن يتيسر لي ذلك لاحقا إن شاء الله تعالى.
(١) الكامل لابن الأثير ٢ / ٨٧.