يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣٥) [يونس : ٣٥]. والإمامة لا تكون إلا في موضع الطهر ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وجوهر النبوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأمر بمودتهم بعد نهيه عن مودة من حاده ، وليس يخالف الحق إلا أهل العناد لله ولرسوله ، والبغي والحسد والجهالة ، ممن لا رويّة له من المرجئة ، والقدرية ، والنواصب ، وجميع الخوارج ، ممن خالفنا أو حاد عن الحق ، وقال برأيه ، وقد فسرنا في كتابنا هذا ما يدخل على من خالفنا ما يستدل بدونه من نصح لنفسه ، وترك المحاباة على ما سبق إلى قلبه ، فمن فهم بعض ما وصفنا ، دلّه على كثير مما يريد وبالله نستعين ، وعليه نتوكل وإليه نفوض أمورنا مستسلمين له ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وأهله وسلم.
[الوصية]
وسألت : عن الوصية؟
فاعلم أن الله تبارك وتعالى أوصى العباد بوصايا ، وأرسل الرسل بوصايا ، وأوصى محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى آله بوصايا ، منها ظاهرة ثبتت بها الحجج على من سمعها وعقلها ، ومنها وصايا خاصة لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى آله ، وليست للناس إلا أن يشاء علي أن يعلمها ، فضيلة من الله لعلي.
من ذلك قول الله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ...) [النساء : ١] الآية ، والثانية (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) [البقرة : ٢١] ، و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) [النساء : ١٣٥] ، وقوله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ١٨] ، وقوله : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ ...) [النساء : ١٧٦] الآية. وقوله : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء : ١١] ، وقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (١) [الحج : ١] ، وقوله : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [البقرة : ١٨٠] ، يعني خيرا : مالا. ثم نسخ ما (١) جعل الله للوالدين من الوصية بالميراث ، وجعل ما بقي للأقربين ممن لا
__________________
(١) في المخطوط : بما. ولعل الصواب ما أثبت.