[وجوب الإنكار أو الهجرة]
فما بال من أبرّ وأطاع فلم يعص ، وحلول دار كل ظالم متعدّ لص ، لا يؤمن ليله ولا نهاره ، ولا تسترّ عمّن حالّه أسراره ، في عصيان الله (١) ومشاقته ، ولا يخفى عنه ولا يتوارى ، مجاورا لمن (٢) أسخط الله فيها لما يراه (٣) قاهرا ظاهرا ، لا ينكره منه بلسان ولا يد ، ولا يقوم لله فيه بدفاع ولا ردّ ، ذليلا بين أظهرهم وفي جورهم ، محكّما لهم على نفسه في فجورهم ، (٤) إن كذّبهم في افترائهم على الله كذّب ، وإن باينهم بمخالفة (٥) في الله صلب أو عذّب ، غير ممتنع منهم بغلب ولا معازّة ، ولا مهاجر (٦) عنهم إلى دار عزّ أو مفازة ، من فلاة ولا جبل وعر ، أو بعد أو مهرب أو مستتر ، (٧) يستره عنهم ومنهم ، ويفرق ما بينه وبينهم ، مع ما وسّع الله لمن صدقت إرادته لله من المهارب ، وما جعل الله في أرضه لمن هاجر في سبيله من المذاهب ، التي فيها لمن (٨) ظلم وتعدى مساءة وإرغام ، ولمن أسلم نفسه إلى الله هدى وإسلام ، كما قال الله سبحانه : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١٠٠) [النساء : ١٠٠].
[التمييز بين أولياء الله وأعداءه]
فكل ما ذكرنا من الجوار والمقاربة ، والإكرام والتواد والمحابّة ، والنصر والولاء ،
__________________
(١) في (ب) و (د) : الله. فيها (زيادة).
(٢) في (ب) و (د) : من سخط.
(٣) في (أ) و (ج) : يرى.
(٤) في (ب) : جورهم (مصحفة).
(٥) في (أ) : لمخالفتهم لله.
(٦) المعازّة : المغالبة. وفي (أ) و (ج) : ولا مهاجرا (وهو خطأ).
(٧) في (ج) : أو مستر.
(٨) سقط من (ب) : لمن.