[التحذير من موالاة أعداء الله]
ومن صار لعدوّ من أعداء الله ، إلى محبّة أو موالاة ، أو مسالمة أو مراضاة ، أو مؤانسة أو موادّة أو مداناة ، أو مقاعدة أو مجاورة أو اقتراب ، فضلا عن توادّ أو تحابّ ، فقد باء صاغرا راغما من الله جل ثناؤه بسخطه ، وهلك في ذلك بهلكة عدوّ الله وتورط من الهلكة في متورّطه ، وكان في الإساءة والجرم مثله ، وأحله الله في العداوة له محلّه ، وجعله الله لموالاته لمن عاداه ، ولم يصر إلى ما أمره الله به من تقواه (١) ، ونسبه لموالاته لهم إليهم ، وحكم عليه بما حكم به من السخط واللعنة عليهم ، فرحم الله امرأ ، أحسن (٢) لنفسه نظرا ، فسمع في ذلك عن الله وقيله (٣) ، واتبع ما نزله الله في ذلك من تنزيله ، فإنه يقول سبحانه: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) (١٢٢) [النساء : ١٢٢] ، ويقول أيضا في الكتاب : (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) [الإسراء : ١٠٦] ، وقد قال سبحانه في فريضته هذه بعينها ، وما نزل به سبحانه (٤) كتابة من تبيينها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٥١) [المائدة : ٥١] ، فأخبر سبحانه أنه من والى من الفريقين من عادى ، فليسوا ممن (٥) وهبه الله ولا أعطاه الهدى ، لجهلهم بحكم الله في ذلك عليهم ، وجعلهم بموالاتهم (٦) لهم منهم ونسبهم إليهم ، ودعاهم بموالاتهم (٧) لهم كما دعاهم ظالمين ، فتبارك الله أحكم الحاكمين ، الذي لا يعتريه وهم ولا جور في حكمه ، ولا يحاط إلا بما شاء من علمه، (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ
__________________
(١) في المخطوطات : تقواه منهم. ولعل (منهم) زيادة ، والله أعلم.
(٢) في (أ) و (ج) : نظر.
(٣) في (ج) : وقبله (مصحفة).
(٤) سقط من (أ) : سبحانه.
(٥) في (ب) : بمن.
(٦) في (ب) و (د) : لموالاتهم.
(٧) في (ب) و (د) : لموالاتهم.