(٥٣)) [المائدة : ٥٣] ، فخسّرهم الله أعمالهم ، وصيّرهم بموالاتهم لهم مثلهم (١) كافرين ، وقال سبحانه بعد هذا من أمره كله للمؤمنين ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٥٤) [المائدة : ٥٤] ، فأخبرنا سبحانه أنه لن يحبه ولن يحب ، ولن (٢) يزكو عنده ولم يطب ، من لم يذل لأوليائه ، ويعز على أعدائه.
[مجالسة الظالمين مهلكة]
فلعمر أبي من جاور عدو الله من الظالمين ، ما عز عليهم ولكنه كان لهم من الأذلين ، ولعددهم في محلهم من المكثرين ، ولدار ظلمهم بحلولها (٣) من العامرين ، فنعوذ بالله من الشقوة في الدين ، والمكابرة لما جاء فيه عن الله من اليقين.
فحذّر ـ سبحانه من والاهم ، بمودة أو مجاورة فداناهم ـ الارتداد ـ بذلك من موالاتهم عن دينه ، ومن قبل ذلك ما أخبر بمرض قلبه في يقينه ، وكيف لا يكون من والاهم مرتدا إليهم ، وقد حكم الله عليه بحكمه عليهم ، (٤) فكفره بموالاته لهم ككفرهم ، وأمره في الكفر لنعم الله أمرهم ، وكيف لا يكون في الكفر كهم ، وقد جعله تبارك وتعالى مثلهم ، فقال سبحانه : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (١٤٠) [النساء : ١٤٠] ، فجعلهم الله سبحانه في موالاتهم لهم من المنافقين والكفار ، وأحلّهم جميعا كلهم محل أهل النار. وما ذكر الله عنهم ، ولا سخط سبحانه منهم ،
__________________
(١) سقط من (ب) : مثلهم.
(٢) سقط من (ب) : ولن.
(٣) في (ب) : يحلوها (مصحفة).
(٤) سقط من (ب) : وقد حكم الله عليه بحكمه عليهم.