يكون لك بها في (١) المروءة قدر وموضع ، تستوجبه (٢) بها ، إذا لم يمكنك الاستكثار من غيرها ، وكلما ازددت ، أدركت ما طلبت ، وقد أوضحت لك ما تطلب به المروءة بأحسن الإيضاح ، وكنت لك أنصح النّصاح ، فإن أخذتها باللّين ـ يا بني ـ سلس لك (٣) مقودها ، وإن غلّظت شسع عنك عتيدها (٤) ، وصار نحسا عليك سعودها ، فأسعد الأدب يا بني بالحكمة.
[الحسد]
وإياك والحسد فإن للحسد نفرة على صاحبه مضرة ، فأبرده عند اضطرام تسعّره ، بكثرة التبكيت ، وتعريفه صغر صاحبه الممقوت.
يا بني فإن الحاسد لا يدرك في حسده نقيرا ، ولو أزيح عن المحسود ما حسده عليه لم يظفر منه قطميرا ، (٥) وليس من أحد من المخلوقين إلا وعليه من الله نعمة ظاهرة أو مكتتمة ، أصناف مقتسمة ، صغير ما يولي الله العبد منها ويبليه ، ويهب له ويعطيه ، من (٦) صحته ، وطول عافيته ، وما يصرف عنه (٧) من البلوى ، خير له من ما بين الأرض والسماء. يا بني: وكم من ذي نعمة متجددة ، يحسده من دونه على نعمة منتكّدة ، ولو أشعر نفسه ما يجب عليه من شكر المنعم ، كان ذلك أزيد للنعم وأصرف للملمّ (٨).
وفي الحسد ست خصال :
* طول الاغتمام بما لا يجدي.
__________________
(١) سقط من (أ) : بها. وسقط من (ب) : في.
(٢) في (ب) و (د) : تستوجب.
(٣) سقط من (ب) : لك.
(٤) شسع : بعد. والعتيد : المعد الحاضر.
(٥) النقير : النكتة في ظهر النواة ، والقطمير : القشرة التي على النواة.
(٦) في (ب) و (د) : في.
(٧) في (ب) : وما يصرف به من البلوى. وفي (ج) : به عنه البلوى.
(٨) الملمم : ما يلمّ بالإنسان.