الفساد ، غير أن المغرس إذا كان كريما ، والفرع محضا صميما ، (١) أيقظ المرء عن سنته ، ورده إلى أوليته ، ومحّض من العلل درن غريزته ، ومن ريض (٢) ولا غريزة له بأدب سلس ثم رجع إلى الحران (٣) ودحض به عن الاستقامة القدمان ، وقلّما انفردت غريزة من (٤) عقل ولا عقل من غريزة ، فمن طبع على واحد منهما كان الآخر له لاحقا ، ومن خلا من واحد منهما كان الآخر له مفارقا ، ومن ألان جناحه للمخاشن ، (٥) وجعل وجهه بسطا (٦) للملائن ، وألقى مقوده إلى المحاسن ، فقد ارتقى في ذروة المكارم ، واستعين به على العظائم ، واقترف الحمد من المباعد والملائم (٧).
[مكارم الأخلاق]
يا بني : فتعوّد القول الجميل ، وأصبر على ذلك نفسك صبر الحازم البهلول ، (٨) وآس (٩) من رآك لحاجته أهلا بالكثير والقليل ، ولا تشخص بطرفك ، إلى مكافأة الممتاح(١٠) لعرفك ، فيذهب (١١) صنيعك ضياعا ، وتكون بمنزلة من أعطى صاعا ليأخذ
__________________
ـ الأحمق الدنيء الضعيف العقل.
(١) الصميم : الخالص.
(٢) الدرن : الوسخ والقذر. والغريزة : الطبيعة. وريض : من الرياضة.
(٣) الحران : الوقوف. يقال : فرس حرون لا ينقاد ، إذا اشتد به الجري وقف.
(٤) في (ب) : عن.
(٥) المخاشن : الصعب الغليظ ، الذي لا يطاق.
(٦) بسطا : متهللا.
(٧) الملائم : الموافق.
(٨) البهلول : العزيز الجامع لكل خير.
(٩) من المؤاساة.
(١٠) الممتاح : القاطع. يقال : متح الشيء إذا قطعه من أصله.
(١١) في (ب) و (د) : فتذهب صنيعك.