(١) به إلى الصدور الحوباء ، ثم تلقلق (٢) به اللسان ، وفشى منه الكتمان ، وفارت به الشفتان ، فوران المرجل بوقود (٣) النيران.
يا بني : وإذا تمكن من قلب خرب ، وغلب عليه كل الغلب ، وكاد لا يفارقه آخر الحقب. وكم من صاحب له يريد انتزاحه (٤) منه فلا ينتزح ، وإصلاح لسانه منه فلا يصلح ، لكثر غلبته ، وشدة ضراوته ، (٥) والكذب مجانب للحق ، مكذّب من عرف به في الصدق.
[قواعد أخلاقية]
فتأدب يا بني : بأحسن أدب المتأدبين ، واقتد بهدى الصالحين ، واستغش (٦) بثوب السلامة ، ولا تدرّع سرابيل الملامة ، وتودد للخاصة والعامة ، وأجمل البشر (٧) في اللقاء ، للعدو ولذي الصفاء ، وابذل له الانصاف في كثرة الاصغاء (٨) لكلامه ، والاستماع لحديثه ، ولطف الاجابة له على مقالته ، والمكافأة بما ترضيه في عشرته ، واستبرز (٩) في حديثه ، ولا تستطل ريثه ، (١٠) فإن لكل واحد في نفسه قدرا ، كبيرا كان أو صغيرا ، وأكثر تبسطه (١١) إليك ، وقاربه ليألف ما لديك ، واستعمل عقلك في كل زمان بما
__________________
(١) جاشت : غلت وفاضت.
(٢) الحوباء : النفس ، وروع القلب أيضا. وتلقلق : تحرك.
(٣) المرجل : القدر. وفي (ب) : بوقد.
(٤) انتزاحه : إبعاده.
(٥) ضراوته : عادته.
(٦) التغش : تغط.
(٧) البشر : الطلاقة.
(٨) في (ب) : الاستماع.
(٩) استظهره. أي : اطلب ظهوره ووضوحه.
(١٠) ريثه : إبطاءه.
(١١) نقيض القبض.