[الكبر]
يا بني : واجتنب الكبر فإنه رداء الجبار ، والمعطل للديار ، والمحل لصاحبه دار البوار ، والمغير للانعام ، والمعجل للانتقام ، وعليك بتحصيل الأشياء وفحصها ، وقرع أبواب زيادتها ونقصها ، وتصريفها على جهتها ، وقلة العجلة في التبصر بها ، حتى تتضح لك آثارها ، وتسفر لك أوجهها ، ثم استقبلها في أوان العنفوان ، (١) ولا تنقد بالهوى إلى الوخم (٢) من الأعطان ، فتجرحك الأوهام ، ويصرعك (٣) ما ليس لك عليه قوام ، فقد عاينت جرحى الأيام ، وقلة رأفتها بالكرام ، وكثرة رجوع صرعاها على أنفسهم بالملام.
[شهادة الليل والنهار]
واعلم يا بني : أن الليل والنهار ينقرضان ثم لا يعودان ، وبالحسن والقبيح يمران ، وعلى كل صغير وكبير أفعاله يثبتان.
يا بني فإن قدرت أن تدفع (٤) في كل ساعة تمر بك موبق (٥) السيئات ، بصالح الحسنات ، وتبني مكرمة تحظى (٦) بها يوم القيامة ، وتنجو بها من الندامة ، ويثلج بها في الدنيا صدرك. ويفسح لك بها قبرك ، فافعل وعجّل ثم عجّل ، وأنت في حين (٧) المهل ، ولا تكثر التسويف فيطول عتبك ، وينقضي بخطل (٨) يومك ، فإن في ساعات الليل
__________________
ـ يقال حلق النجم إذا ارتفع. ومحالّه جمع محلّ. أي : مكانه.
(١) عنفوان كل شيء : أوله.
(٢) الوخم : الرديء. والأعطان : جمع عطن وهي مبارك الإبل ومواضعها.
(٣) في (ب) : وتصرعك بما.
(٤) في (ب) : ترفع.
(٥) في (ب) : موثق.
(٦) تخطى : تنال المنزلة والمكانة.
(٧) في (أ) و (ج) : فأنت. وسقط من (ب) : حين.
(٨) في (ب) و (ج) و (د) : وينقضي بحظك. والخطل : المنطق الفاسد المضطرب.