المختبر ، (١) عيون جساسون ، عيّانون بحاثون ، ولخطئك (٢) محصون ، ولما يكون منك حافظون ، فجنب قدمك مواضع الدّحضات ، (٣) ولا تسع بها في مهايع (٤) المنكرات ، فإن الناس ، حفظة على الناس ، ما يأتون وما يذرون ، فربما ذكّروا (٥) المرء في الأحيان ، بسالف ما ذهل عنه بالنسيان ، (٦) وأتاه عنهم ما قد غيب عن فكر (٧) الأذهان ، فليطل منهم حذرك ، وليكثر لهم قهرك ، بتنزيه نفسك عما يتطلعون (٨) إليه من سقطتك ، ويبتغون هدّه من ذروتك ، وليكن التّرقّي (٩) في ذرى الشرف من همتك. ولا تشب الشك باليقين ، ولا المعرفة بسوء الظنون ، فينتقض ما أبرمت ، ويتغير ما عليه عزمت ، ويلحقك الضعف ، فتقف عن العمل وقوف المغلول من (١٠) الكف.
[القناعة]
يا بني : وإياك وكثرة الحرص ، فإن التخلق به يرجع بك إلى النقص ، ويذهب عن صاحبه الهيبة ، وتكثر له من (١١) الناس الغيبة.
__________________
(١) المختبر : المخبر ، وهو خلاف المظهر ، والمعنى سيطلع الناس ويكتشفون خباياك ، وما أنت عليه من الأمور الباطنة.
(٢) في (ج) : ولخطاياك. وفي (أ) : ولخطيأتك.
(٣) الدحضات : المنزلقات.
(٤) مهايع : طرق.
(٥) في (ب) و (د) : ذكر.
(٦) في (ب) : النسيان.
(٧) في (ب) و (د) : فكره.
(٨) في (ب) : يطلعون.
(٩) ذروة كل شيء : أعلاه. وفي (ب) و (د) : الرّقّي.
(١٠) في (أ) و (ج) : عن.
(١١) في (ب) و (د) : وتكثر من الناس له.