من لم تحسن ـ بديهته عند نائبته ، (١) ويغلب جميل عزائه (٢) جليل مصيبته ، قبل أن تدور الدوائر بفجيعته ـ عيل (٣) صبره ، وامتلأ بالرزايا (٤) صدره ، إذا هجم عليه غائبها ، وبرك بكلاكله (٥) على كاهله نائبها.
يا بني : ربّ النعم بالشكر فإن النعم أقسام ، تقسمها الأيام ، ثم تضرب لها أجلا ، وتجعلها بين الخلائق دولا ، تمتّع بها قوما وتعدمها (٦) آخرين ، ثم تسلبها بالكلية من الناس أجمعين ، وليس عليها شرائط للمستفيدين ، يستوجبونها دون الآخرين ، (٧) ما كانوا في الأحياء المرزوقين ، ويستحيل أن يكون ذلك في أمل الآملين ، وإنما هي بلاغ وعارية إلى حين.
[المبادرة إلى الخير]
يا بني : وما كان لأوله ابتداء ، فلآخره انقضاء ، ولا بد أن يجري عليه عند نهايته الفناء ، وإذا أوجبت العطية فأسرع بها البدار ، (٨) وأنجز موعدك لأهل الاضطرار ، قبل أن يذهب نشاطك ، وينقبض انبساطك ، وعجّل بالمعروف ، كي يتجدد لك شكر الملهوف ، وإذا أردت إنعاما وإتحافا فلا ترد بذلك مطلا ، وكن عند نفسك لما دعتك إليه من ذلك أهلا ، ولا تكدّره بالتأخير ، ولا تستدع الذم فيه بضرب المعاذير ، فإن ذلك منقصة لك عند الصغير والكبير.
يا بني : ارع سالف الحرمة وأدّ حقها ، وسدد طرقها ، ولا تنس ذمتها ، ولا تملّ
__________________
ـ يظن أنهما تاء وراء.
(١) نائبته : مصيبته وما ينزل به من حادث.
(٢) في (ب) و (د) : ويغلب عزاؤه جميل. والعزاء : الصبر.
(٣) الدوائر : جمع دائرة وهي : الهزيمة ، والسوء والداهية. عيل : غلب.
(٤) الرزايا : جمع رزية. المصيبة.
(٥) الكلكل : الصدر.
(٦) في (ب) و (د) : ويعدمها آخرون.
(٧) سقط من (ب) و (د) : دون الآخرين.
(٨) البدار : العجلة والاسراع.