ومرّة يصم (١) من أعرض عنه ، ومرّة يهين الأعداء ، ومرّة يكرم الأولياء ، يعطي من قبل عطاه ، ويمنع من أبى قبول هداه ، يقرب لمن ارتضاه ، ويشسع عمن سخط قضاه ، يعلن لأوليائه ويظهر ، ويكتتم (٢) عن أعدائه ويستر ، (٣) نور هدى على نور ، وفرقان بين البرّ والفجور ، أرشد زاجر وآمر ، وأعدل مقسط ومعذّر ، (٤) يوقظ بزجره النّوماء ، ويعظ بأمره الحكماء ، ويحيي بروحه الموتى ، ولا يزيد من مات عنه إلا موتا ، يعدل أبدا ولا يجور ، وكل أمره فقدر مقدور ، ظاهره ضياء وبهجة ، وباطنه غور ولجّة ، لا (٥) يملك حسن أنواره ، ولا يدرك باطن (٦) أغواره ، فمن ظهر لظاهر مناظره ، رأى أعاجيبه في موارده ومصادره ، ومن(٧) بطن لمستبطنه ، رأى مكنون محاسنه ، من غرائب علمه ، وأطائب حكمه ، لباب كل لباب، وفصل كل خطاب ، وحكمه (٨) من حكم رب الأرباب ، اكتفى به منه في هداه لأوليائه ، واصطفى به من خصّه الله سبحانه باصطفائه ، فمصابيح الهدى (٩) به ، تزهر واهجة ، وسبل (١٠) التقوى به إلى الله تلوح ناهجة ، (١١) يحتاج إليه ولا يحتاج ، سراجه أبدا بنوره وهّاج ، يعلّم ولا يعلّم ، ويقوّم ولا يقوّم ، فهو المهيمن الأمين ، والفاصل المبين ، والكتاب الكريم ، والذكر الحكيم ، والرضى المقنع ، والمنادي المسمع ، والضياء الأضوى ، والحبل الأقوى ، والطود (١٢) الأعلى ، الذي يعلو فلا (١٣) يعلى ، ولا يؤتى لسورة من سوره ...
__________________
(١) في (ب) : يصم عن من.
(٢) في (ب) : ويكتم.
(٣) في (أ) و (ج) : ويستتر.
(٤) في (أ) و (ج) و (د) : ومقدر.
(٥) في (أ) و (د) : لا تملك.
(٦) في (ب) : من بطن.
(٧) في (ب) : من بطن.
(٨) في (د) : وحكمة.
(٩) في (ب) : الهداية (مصحفة).
(١٠) في (ب) : وسبيل.
(١١) في (ب) : باهجة. وفي (ج) : ماهجة. (كلاهما مصحفة). وناهجة : واضحة بينة.
(١٢) الطود : الجبل.
(١٣) في (ج) : ولا.