ثم تنظر إلى العلم فتعلم أن الله قد علم ما هو كائن قبل أن يكون.
ثم تنظر إلى ما سخر لك الله من جميع الخلق (١) ، وذرأ وبرأ من السماء التي زينها بالكواكب والشمس والقمر ، وأجرى ذلك لمنافع الخلق. وما جعل من (٢) الرياح والسحاب ، وما جعل (٣) في الأرض من الحيوان المسخر المجبور المقهور المنقاد إلى المنافع ، فتحمد الله على ذلك كثيرا.
قال الوافد : فما وراء ذلك يرحمك الله؟
قال العالم : الصبر على قضاء الله سبحانه ، فما جاء من عند الله حمدت الله عليه ، ولم تسخط ذلك وسلمت الأمر (٤) لله ، ورضيت بقضاء الله وحمدت الله على ذلك كثيرا.
قال الوافد : فما وراء ذلك يرحمك الله؟
قال العالم : تنظر بعد ذلك إلى نفسك ، وتعلم أن الله خلق الإنسان من نطفة تقع في رحم مظلم ، فتقيم (٥) في الرحم (سبعة أيام ، ثم ترجع دما فيكون ذلك الدم علقة) (٦) أربعين يوما ، ثم يجعلها الله مضغة ذكرا أو أنثى ، فيكون فيه الروح لسبعة وسبعين يوما ، ثم يخلق الله له (٧) العروق والعظام والعصب ، ثم يصيره الله تعالى بعد ذلك لتمام مائتين وسبعين يوما ، وذلك ستة آلاف وأربع مائة وثمانون ساعة (٨) ، فجميع حمل الولد لتمام
__________________
(١) في (أ) : جميع خلق الله.
(٢) في (ب) : لمنافعك. وفي (أ) و (ج) : جعل في.
(٣) في (أ) و (ج) : جعل من ذلك في الأرض.
(٤) في (أ) : لأمر الله. وفي (ب) : لأمر ربك.
(٥) في (أ) و (ب) : تقيم.
(٦) سقط ما بين القوسين من (أ) و (ج).
(٧) سقط من (ب) و (ج) : له.
(٨) في (أ) : أربعة آلاف ومائة وثلاثين وخمسين. وفي (ب) و (ج) : أربعة آلاف ومائة واثنين وخمسين. ولعله سهو من النساخ ، والصواب ما اثبت لأن (٢٧٠ يوما* ٢٤ ساعة ٦٤٨٠). وقد بيّن ذلك الإمام بعد.