قال الوافد : صف لي الحياء؟
قال العالم : من عمل بالرياء فقد (١) منه الحياء ، وحجب منه الضياء ، وتكدرت (٢) عليه الدنيا ، وعاش في الناس (٣) يهوديا ، وحشر يوم القيامة مجوسيا.
قال الوافد : كيف أنال حلاوة الطاعة؟
قال العالم : لا تدرك الحلاوة ، إلا بإدمان الفكر في التلاوة ، ولا تنال حقائق المعاني إلا بترك الأماني ، ولا يتمكن في قلبك الخوف والوجل ، إلا برفض الدنيا وقصر الأمل ، وإخلاص العمل ، وهجران (٤) الكسل.
[الورع]
قال الوافد : صف لي محض الورع؟
قال العالم : لن (٥) تنال الورع ، إلا بكثرة الخوف والفزع ، واختيار الجوع على الشبع ، وترك الشهوات والطمع ، [فإن فعلت زكى لبك] (٦) ، وصفا عند ذلك قلبك ، ونلت لذيذ (٧) السهر والقيام ، وقربت من ذي الجلال والإكرام ، وملكت نفسك ، ووافقت أنسك، ورضي عنك الرب ، وغفر لك الذنب.
واعلم أنك لا تنال من الله البرّ والسلامة ، إلا بالصبر والاستقامة ، ولا تنال حقائق الرجاء ، إلا بالانقطاع إلى الله والالتجاء ، ولا تنال الكرم والتّفضّل ، إلا بالندم
__________________
(١) في (ج) : برياء. وفي (ب) : بعد.
(٢) في (ج) : وتنكرت.
(٣) في (ج) : الدنيا.
(٤) في (أ) و (ج) : وترك.
(٥) في (ب) : لا.
(٦) الجملة زيادة مني لاستقامة المعنى ، وصحة العطف ، واتساق أسلوب الإمام.
(٧) في (ب) : لذة.