أهلها ، واصرف قلبك عن زهرات بهجتها) ، (١) فانقطع إلى ربك ، وأعمر قلبك بذكره ، واستعمل لسانك في شكره ، واجعل قلبك مملوءا من محبته ، وتلذذ بطاعته ، (٢) فإنه يغنيك عن الخلق ، ويهون عليك الصعوبة ، ويخفف عنك (٣) المئونة ، وتصير حرا عن عبودية الدنيا إذا أوصلت حبلك بحبل الله (٤) عزوجل ، (وتسلم من الأشغال ، وتصبح منير القلب ، كثير الذكر ، لذيذ المناجاة ، حريصا على الطاعات ، قليل الزلل والخطأ ، قليل الغفلة ، حسن الفعال ، صافي الذكر ، قليل الكلام والفضول ، واسع الصدر ، خلوتك مع الله لا تزول ، وأنسك بالله ، لا تستوحش إن كنت في القفرة ، ويكثر يقينك في قلبك ، فبدنك مطيع ، ولسانك ذاكر ، وكلامك حق ، وعملك زين ، وسعيك مشكور ، وكل شيء منك نور ، وكل حركة وسكون منك محمود ، قد أعد الله لك النعيم ، في جنة النعيم.
[المتقي العارف]
قال الوافد : صف لي المتقي العارف؟
قال العالم : إن من صفات المتقي العارف ، أن يكون غذاؤه ذكر الله ، ورأس ماله اليقين بالله ، ومطيته الهيبة من الله ، ولباسه التقوى ، وتحريكه التفويض لأمر الله ، وعزمه التسليم إلى الله ، وخوفه التعظيم لله ، وهو محبوس في سجن الرهبة ، مقيد بالحياء ، متنعم بالمناجاة ، قد أمرضه الشوق ، وأشغفه الحب ، فهو مستأنس بطبيبه ، ممكّن (٥) بحبيبه ، وله) (٦) ورع ، لا يشوبه طمع ، ويقين لا يشوبه طلب ، وانتباه لا تشوبه غفلة ، وذكر لا يشوبه نسيان ، وعزم لا يشوبه تواني ، وتعب لا يشوبه عجز ، وعلم لا يشوبه جهل ،
__________________
(١) سقط من (أ) : ما بين القوسين.
(٢) سقط من (أ) : وتلذذ بطاعته.
(٣) في (ب) : عليك.
(٤) في (ب) : خالقك.
(٥) هكذا رسم الكلمة ولم يتضح لي معناها.
(٦) سقط من (أ) : ما بين القوسين.