وعمى القلب ، فلا (١) يميز بين الحق والباطل ، والجهل داء وشين ، لا يداويه غير العلم.
والعلم شفاء وزين ، لا يدخل معه داء ولا شين ، وليس العلم علم اللسان ، المعلق على ظاهر الإنسان ، الخالي عن القلب ، وإنما (٢) مثله كمثل شبكة الصياد التي ينثر عليها الحب للطير ، وليس يريد بذلك منفعة (٣) الطير ، ولكنه يريد أن يصطادها بذلك الحب المنثور على الشبكة.
كذلك عالم (٤) السوء لا يريد بعلمه رضى الله ، ولكن (٥) يريد رضى نفسه ومنفعتها ، وقد جعل هذا علمه شبكة ، (٦) ليصطاد حطام الدنيا ، وإنما العلم المنجي علم القلوب المنيرة الصافية الخائفة القانعة باليسير ، السليمة من الآفات والتخاليط ، (٧) (وليس العالم من قد أسكره حب الدنيا ، وإنما العالم الذي يعمل للآخرة الباقية ، فهو منتظر للنزول والانتقال ، مشغول يخاف أن يفاجئه الموت بحال من الأحوال ، فقلبه محزون ، وشره مأمون ، يجول بقلبه في الجنة أحيانا ، وفي النار أحيانا ، يخاف أن يكون من أصحاب النار ، ولا يكون من أصحاب الجنة ، فليس له همة غير تفتيش الآفات ، وكثرة الذكر في كل حركة وسكون) ، (٨) وكثرة الذكر لله في الحركة والسكون.
[الغافل المتواني]
قال الوافد : صف لي عمل الغافل المتواني؟
__________________
(١) في (ب) : ولا.
(٢) في (ب) : إنما هذا مثله.
(٣) في (ب) : مرافقة الطير ولا منفعتها.
(٤) في (ب) : العالم.
(٥) في (ب) : ولكنه.
(٦) في (أ) : نفسه ونفاعتها ليصطاد.
(٧) في (ب) : السالمة من. وسقط من (أ) : والتخاليط.
(٨) سقط من (أ) : ما بين القوسين.