أقروا ، لا كما فعل من نحن وأنت فيه من العذاب (١) من كبائر العصيان ، ثم ادّعوا النجاة بعد الإقرار بالعذاب دعوى بغير ما حجة ولا برهان.
ولفي ذلك ، وأولئك ، وهم بنوا إسرائيل عليهالسلام ، وذرية إبراهيم خليل الرحمن ، ما يقول سبحانه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) [آل عمران : ٢٣ ـ ٢٥]. وقال سبحانه : لهذه (٢) الأمة ، فيما نزل من آياته المحكمة : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (١٢٣) [النساء : ١٢٣] ، فكفى يا أخيّ بما يسمع السامعون من هذا ومثله بيانا وتبصيرا! نفعنا الله ونفعك بتبصيره ، وما منّ به علينا وعليك من تذكيره.
[رسالة إلى بعض بني عمه عن الدنيا والزهد فيها]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم.
متّعك الله من نعمه وحوطها ، ومنعك من مذموم الأمور ومسخوطها ، بما أمتع به أهل رحمته ونعمته ، ومنع به من المكاره أهل توفيقه وعصمته ، ومنّ عليك من تقوى الله وإيثارها ، ورفض الدنيا واحتقارها ، بما منّ به على من آثره ، وأجلّ أمره فوقّره ، فإن ما أمر الله به من رفض الدنيا واستقصارها ، دليل ممن فعله على إيثار الآخرة وإكبارها ، وإنّ رفض الدنيا والإعراض عنها ، دليل ممن فعله على الإقبال على الآخرة والاستكثار
__________________
(١) لعل هنا سقطا ، فالكلام غير واضح.
(٢) في المخطوطة : ولهذه. ولعل الواو واو عطف ، هكذا : سبحانه وتعالى. ثم سقط تعالى. والله أعلم.