الله عليه وآله وسلم ظنة ولا توهمة ، فضلا أن يثبت عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله أو ظنه ، وهذا ومثله ، وما كان نظيرا له ، فإذا ألقي في تنزيل الله ووحيه ، أو أمر الله ونهيه ، نسخه الله فنفاه ، وأبطله ونحّاه ، والله سبحانه لا يبطل ولا ينفي وحيه بنسخه وتبديله ، وإن صرفه فزاد أو نقض من الفرض في تنزيله ، كقوله سبحانه : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١٠٢) [النحل : ١٠١ ـ ١٠٢]. فكل أمر الله ونهيه هدى ورحمة ، ومنّ من الله على خلقه ونعمة ، فكذلك أمر النسخ والتبديل ، وما ذكر منهما جميعا في التنزيل.
[أقسام النسخ]
ومن الناسخ والمنسوخ فاعلموه ما كان يزاد (١) به في الفرض تكليفا ، أو ينقص به منه رحمة من الله فيه وتخفيفا ، وفي ذلك كله ، بمنّ الله وفضله ، من البركة والرفق ، ومن الرحمة بحسن السياسة والتدبير للخلق ، ما لا يستتر ولا يخفى ، إلا على من جهل وجفا ، كالوصية التي أمر بها من ترك خيرا عند الموت للوالدين والأقربين بالمعروف ، (٢) ثم زيد
__________________
ـ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ، فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة / ٤٤ ٤٧]. بيد أن كتب التاريخ والتفسير التي تركت للوراقين والزنادقة يشحنونها بالمفتريات ، اتسعت صفحاتها لذكر هذا اللغو القبيح ، ومع أن زيفه وفساده لم يخفيا على عالم ، إلا أنه ما كان يجوز أن يدون مثله. وقد شكك المستشرقون وأعداء الاسلام في القرآن الكريم بهذه الخرافة وأمثالها ، وفق ما تمليه عليهم نفوسهم المريضة ، وقلوبهم الحاقدة.
ولو جاز ذلك على الأنبياء عليهمالسلام ، لما وثقنا في شيء مما جاءوا به ولا أمنّا وقوعه في كل الشرائع.
(١) في (ب) : يراد به. وفي (أ) : يزا به. مصحفتان. والصواب ما أثبت.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة / ١٨٠].