بسم الله الرحمن الرحيم
[العلم]
العبادة بالعلم ، أفضل منها بالعمل ، وفي العلم من الهدى والضلال ، مثل الذي منهما في الأعمال ، فلما كان العلم بأحكام الله ، مما يكون هدى عند الله ، والجهل بأحكام الله مما يكون ضلالا عند الله ، ترك المكلفون من العباد ، بعد أن نزل عليهم من الله ما نزل في ذلك من الرشاد ، ليهتدوا فيها ويجهلوا ، كما تركوا في الأعمال ليعملوا أولا يعملوا ، لكي يهتدوا فيها أو يضلوا ، فأهدى الهدى فيها العلم ، وأضلّ الضلال الجهل ، وهو لكل واحد منهما فيها كسب ، وعمل يثاب على أيهما اكتسب أو يعاقب ، ثوابه أو عقابه على غيره من أعماله ، ويجزى فيه على ما صار فيما بينه وبين الله من هداه أو ضلاله.
والعلم منهما ففرض قدّمه الله قبل فرض الأعمال ، وبه وبما فرض الله منه ما أبان الله به عند المؤمنين فرق بين الحرام والحلال.
[الإسلام والمسلمون]
ما أعز الإسلام ولا أكرمه ، ولا وقّره فيما وقّره الله به ولا عظمه ، من توهم أهل هذا الدهر من أهله ؛ لأن الإسلام هو دين ملائكة الله ورسله ، فمن زعم أن أهل هذا الدهر ممن يستحق اسمه ، فقد أوجب لهم إخاءه وولاءه وحكمه.
فزعم أنهم مع ما هم من حالهم ، وما عليه من سوء أفعالهم ، إخوة الملائكة المقربين ، وأولياء الأنبياء المرسلين ، والله سبحانه يقول : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات : ١٠].
فآخى منهم بين من في السماء والأرض وقال : (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٧١) [التوبة : ٧١]. فوصف المؤمنين بصفة ، فيها لمن أراد معرفتهم أعرف المعرفة.
فكيف يأمر بالمعروف من يميل عليه ، وينهى عن المنكر من يدعو إليه ، ومن هو مقيم ليله ونهاره فيه؟!