بسم الله الرحمن الرحيم
من الحجة ما كفى فكيف قلتم في طهارة هذه الأشياء ، بخلاف ما قلتم به في طهارة الأعضاء ، وأمر الله في الأعضاء وتطهيرها ، أوكد من أمره في تطهير غيرها. هذا والله المستعان مما يناقض عليكم به أصولكم ، وتأباه عليكم ـ إن أنصفتم أقل النصف ـ عقولكم.
[الوضوء]
فعلى المتوضي إذا ابتدأ في الوضوء ، وأخذ في غسل ما أمره الله به من كل عضو ، أن يصب ـ إن شاء الله ـ على يده اليمنى من الماء ، قبل أن يدخل يده فيما يريد أن يتوضأ منه من الإناء ، فيغسلها بالماء حتى تنقى ، من كل ما كان فيها من نجس أو أذى ، ثم يغرف بها ويفرغها على يده اليسرى ، فيغسل بها كل ما يحتاج إلى غسل ، من كل ما أمر بغسله من دبر أو قبل ، حتى يطهر ذلك كله وينقيه ، من كل نجس أو أذى كان فيه ، ثم يغسل فرجه الأعلى ، غسلا نظيفا طيبا ، ثم انحدر فغسل فرجه الأسفل حتى يميط ما عليه من الأدران والأذى ، ثم يتمضمض ـ إن شاء الله ـ ثم يستنثر بغرفة من الماء ـ يفرغها بيمنى يديه ـ واحدة ، ولا يفرد ـ إن شاء ـ بغرفة الماء استنثارا ولا مضمضة على حدة ، ثم يغسل بعد وجهه كله ، اعلاه وجوانبه وأسفله ، يبدأ في غسله لوجهه من أعلى جبهته ، وأطراف ما طلع عليها من شعر رأسه وصدغيه إلى ما ظهر من لحيته ، كلها على ذقنه وأطراف لحيته ، ويجمع لحيته عند ذلك في بطون كفيه ، فإذا أتى على ذلك كله بما حددنا من غسله غسل ما أمر بغسله من يديه ، إلى آخر مناهي ما حدد له من مرفقيه ، ثم يمسح برأسه وأذنيه ، مقبلا في ذلك ومدبرا ببطون يديه ، حتى ينقى الرأس والأذنان ، مما عليهما من الأدران ، فإذا فرغ من مسح الرأس والأذنين ، غسل ما أمر الله سبحانه بغسله من الرجلين ، فأفرغ عليهما بيديه أو بإنائه أو غيره إفراغا ، وغسلهما بيسرى يديه غسلا منقيا سابغا ، يأتي به على حدود مناهي الكعبين ، ومسح باطن الرجلين ، وظاهرهما بيسرى يديه ، وخلل بالماء في إفراغه له ما بين أصابع رجليه ، فإنهما أولى أعضائه كلها بالغسل والوضوء والتطهير ، لمباشرته بهما الأماكن الدنس والأقاذير ، يبدأ في غسله لرجليه بيمناهما ، قبل غسله ليسراهما ، فإذا فعل ذلك